للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البصريون قال شيخنا وتأولهم مجيئها لذلك مع كثرته في لسان العرب نثرها ونظمها كثرة تسوغ القياس ليس لشيء.

واعلم أن من قد تدخل لابتداء الغاية في غير المكان والزما ن نحو قرأن من أول سورة البقرة إلى آخرها وفي الحديث " من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم" وأما ورودها للتبيين فكقوله سبحانه وتعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} ١ وقوله: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ} ٢.

وبهذا قال ابن بابشاذ وابن النحاس وعبد الدايم القيرواني وابن ملك.

قال شيخنا أبو حيان وقد أنكر ذلك أكثر أصحابنا وزعموا أنها لم ترد لهذا المعنى وقالوا هي في قوله: {مِنَ الْأَوْثَانِ} لابتداء الغاية وانتهائها لأن الأوثان نحاس مصوغ أو ذهب أو غير ذلك فليس الرجس ذاتها ولا النجس الذي صنعت منه وإنما وقع الاجتناب على عبادتها ووصف الرجس المعبود منها ومن في الآية كهي في قولك أخذته من التابوت ألا ترى أن اجتناب عبادة الوثن ابتداؤه وانتهاؤه وأما وعد الله الذين آمنوا فنقدر أن الخطاب عام للمؤمنين وأما ورودها للتبعيض فنحو أخذت من الدراهم ومنه قوله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ} ٣ وهو كثير وقد زعم الأخفش الصغير٤ والمبرد٥ وابن السراج٦ والسهيلي وطائفة أن


١ سورة الحج آية: ٣٠.
٢ سورة النور آية: ٥٥.
٣ سورة البقرة آية: ٢٥٣.
٤ هو علي بن سليمان بن الفضل أبو المحاسن المعروف بالأخفش الأصغر نحوي من العلماء من أهل بغداد أقام بمصر مدة ثم قدم حلب ثم رجع إلى بغداد حتى توفي بها سنة ٣١٥ هـ.
وفيات الأعيان ١/٣٣٢ الأعلام ٥/١٠٣.
٥ هو محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالي الأزجي أبو العباس المعروف بالمبرد إمام العربية ببغداد في زمنه وأحد أئمة الأدب والأخبار ولد بالبصرة سنة ٢١٠ هـ
من مؤلفاته الكامل في اللغة والأدب شرح لامية العرب طبقات النحاة البصريين توفي ببغداد سنة ٢٨٦ هـ
وفيات الأعيان ١/٤٩٥ الأعلام ٨/١٥.
٦ هو محمد بن السري بن سهل أبو بكر أحد أئمة الأدب والعربية من أهل بغداد ويقال ما................=

<<  <  ج: ص:  >  >>