وكذلك:{بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ} فيصير الفاعل مفعولا به فتكون الباء بمعنى الهمزة في قولك أذهب.
الثانية: أن تدخل على فعل يتعدى بنفسه وهو مراد المصنف بقوله تجزي المتعدي أن تقضي التبعيض كقوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ} وخالفت الحنفية في ذلك لنا أنا نعلم بالضرورة الفرق بين أن يقال مسحت يدي بالمنديل ومسحت المنديل بيدي فإن الأول يفيد التبعيض والثاني يفيد الشمول وهذا الاستدلال ضعيف.
أما أولا فلأنه مناقض لما ذكره في المجمل والمبين كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وأما ثانيا فلأن مسح يتعدى إلى المفعول بنفسه وإلى ما يمسح به بالباء فتقدير مسحت المنديل مسحت المنديل بيدي فالمنديل ممسوح فيه واليد آلة وتقدير مسحت بالمنديل مسحت وجهي المنديل فالوجه ممسوح والمنديل آلة فلا تكون الباء فيه للتبعيض وإنما هي للتعدية وفهم التبعيض منه إن سلم إنما هو لكون المنديل فيه آلة والعمل في جاري العوائد إنما يكون ببعض الآلة كما تقول أخذت بثوب زيد وإنما أخذت ببعض ثوبه ومنه:{وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ} .
وقد ذكرنا أن سيبويه لم يذكر لها معنى غير الإلصاق.
قال البصريون لا يكون إلا بمعنى الإلصاق والاختلاط حقيقة أو مجازا إذا لم تكن زائدة وقد يتجرد الإلصاق وقد ينجر معها معان أخر فالإلصاق حقيقة وصلت هذا بهذا أو مجازا مررت بزيد والتصق المرور بمكان بقرب زيد وذكروا أن المعاني التي تنجر مع الإلصاق ستة أنواع النقل ويعبر عنه بالتعدية كما سبق في قول:{ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} ويكون الفعل قبلها لازما ومتعديا نحو صككت الحجر بالحجر أصله صك الحجر الحجر والإلصاق في هذا واضح والسببية نحو مات زيد بالجوع والاستعانة نحو كتبت بالقلم.
وأدرج ابن مالك هذا في السببية والمصاحبة ويصلح معها مع نحو جاءكم الرسول بالحق والحال نحو وهبتك الفرس بسرجه أي مسرجا