للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنا الذائد الحامي الذمار

...

وإنما يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي١

قوله وعورض إشارة إلى حجة الخصم وهو قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} ٢ قالوا فلو أفادت الحصر لكان من لا يحصل له الوجل عند ذكر الله تعالى لا يكون مؤمنا وأجاب بأن المراد بالمؤمنين الكاملون في الإيمان جمعا بين الأدلة وعلى هذا يكون قد أفادت الحصر كما هو المدعي.

واعلم أن الذي نقله شيخنا أبو حيان عن البصريين المذهب الثاني وكان مصمما عليه ويتغالى في الرد على من يقول بإفادتها الحصر الذي اختاره والدي أبقاه الله.

الأول: وله كلام مبسوط في المسألة اشتد فيه نكيره على الشيخ أبي حيان وقال إنه استمر على لجاج وأن اللبيب لا يقدر أن يدفع عن نفسه فهم أن إنما للحصر ومن أحسن ما وقع له في الاستدلال على أنها للحصر قوله تعالى: {وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ} ٣ فقال هذه الآية تفيد أن إنما للحصر فإنها لو لم تكن للحصر لكانت بمنزلة قولك وإن تولوا فعليك البلاغ وهو عليه البلاغ تولوا أو لم يتولوا أو إنما الذي رتب على توليهم نفي غير البلاغ ليكون تسلية له ويعلم أن توليهم لا يضر.

قال وهكذا أمثال هذه الآية مما يقطع الناظر بفهم الحصر منها كقوله: {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ} {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} {إنما أنت منذر} {إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ} {إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً} {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} {إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ} {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا} {إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} {إِنَّمَا


١ قائله فرزدق همام بن غالب بن صعصعة التميمي من شعراء الطبقة الأولى الإسلاميين توفي بالبصرة سنة ١١٠ هـ.
معجم الشعراء للمرزباني ص ٤٦٥.
٢ سورة الأنفال آية: ٢.
٣ سورة آل عمران آية: ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>