للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يظهر له فائدة أخرى كما تقدم وهنا قد ظهرت له فائدة وهي خروجه مخرج الغالب لأن غالب أحوالهم أنهم لا يقتلون أولادهم إلا عند خشية الفقر.

هذا جواب المصنف والحق أن هذا ليس مما نحن فيه لأن دلالته على حرمة القتل عند انتفاء خشية الإملاق من باب الأولى فهو من فحوى الخطاب لا من دليله.

فإن قلت هب أن هذه الآية لا تدل لما ذكرناه ولكن آية أخرى مؤيده ة له وهي قوله تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ} ١ فلو كان مفهوم الصفة حجة للزمكم القول بأن لهم شفيعا لا يطاع.

قلت هذا الصفة لها فائدة أخرى غير التخصيص فلا يكون من محل النزاع وقال والدي أيده الله في تفسيره هذه الآية ست فوائد لهذه الصفة

احداها: أنها الذي يتشوق إليه نفوس من يقصد أن يشفع فيه فكان التصريح بنفيها نفيا قاطعا لأطماع الظالمين ومظالمهم ليقطعوا إياسهم لأن من كان متشوقا إلى شيء فصرح له بأنه لا يبلغه كان أنكى له من أن يدل عليه بلفظ عام شامل له أو مستلزم إياه فلم يقصد بهذه الصفة التخصيص وإنما قصد ما ذكرناه.

الثانية: أن من الشفعاء من لا يقبل شفاعته فلا غرض فيه أصلا ومنهم مقبول الشفاعة وهو المقصود فنص عليه تحقيقا لمن قصد نفيه وهي صفة مخصصة وقدم هذه الفرض على ما يقتضيه مفهوم الصفة من وجود غيره لقيام الدليل على عدمه وهذه الفائدة مغايرة للأولى لأن هذه في آحاد الشفعاء وتلك في صفة شفاعتهم.

الثالثة: ما يدل عليه مادة يطاع والغالب في الشفاعة استعمال لفظ القبول والنفع وما أشبههما أما الطاعة فإنما تقال في الأمر فكان ذكرها ههنا لنكتة بديعة وهي أنه لما ذكر الظالمين وشأن الظالمين في الدنيا القوة والمتكلم


١ سورة غافر آية: ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>