ومن الناس من أجاب عن هذا بأن العدد كما لا يدل على نفي الحكم عما عداه لا يدل على إثباته بل هو مسكوت عنه فلعل النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك رجاء لحصول الغفران لهم بناء على حكم الأصل إذ كان جواز المغفرة ثابتا قبل نزول هذه الآية.
قال الغزالي الأظهر أن الخبر غير صحيح لأنه صلى الله عليه وسلم أعرف الخلق بمعاني الكلام ولفظ السبعين إنما جرى مبالغة في اليأس وقطعا للطمع في الغفران فإن العرب تستعمله في ذلك كقول القائل اشفع أو لا تشفع لو شفعت سبعين مرة لما أفاد.
وقول الغزالي إن الأظهر أن هذا الخبر غير صحيح متلقى من إمام الحرمين فإنه قال هذا لم يصححه أهل الحديث وإمام الحرمين تلقى ذلك من القاضي أبي بكر فإنه قال في مختصر التقريب هذا الحديث ضعيف غير مدون في الصحاح وهذا باطل فإن الحديث ثابت صحيح مدون في البخاري ومسلم.
وقل الغزالي السبعين للمبالغة في قطع اليأس متلقى من القاضي أيضا فإنه قال من شد طرفا من العربية لم يخف عليه أن المقصود منه قطع موارد الرجاء دون التعليق على السبعين وكيف يخفى مدرك هذا وهو مقطوع به عن أفصح من نطق بالضاد والحق أن الجواب الأول أسد من هذا وقد ذكره القاضي أيضا في مختصر التقريب وأما ما تعلق به القاضي في إنكار للحديث فغير معتصم لأن السبعين وإن نطقت العرب بها للمبالغة تارة فقد نطقت بها للتقيد بالعدد المخصوص تارة أخرى بل العدد المخصوص هو حقيقتها وقول القاضي المقصود قطع موارد الرجاء دون التعليق على السبعين لا يصح مع ثبوت الحديث.
خاتمة قال والدي رحمه الله التحقيق عندي أن مفهوم العدد إنما يكون حجة عند القائل به عند ذكر نفس العدد كاثنين وعشرة أما المعدود فلا يكون مفهومه حجة كقوله صلى الله عليه وسلم أحلت لنا ميتتان ودمان فلا يكون عدم تحريم ميتة ثالثة مأخوذا من مفهوم العدد لكن الناس يمثلون لمفهوم العدد بقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا