قال: وهذا لأن طلب المضرة لا ينافي غرضه بل قد يوافقه كما هو واقع فيما ذكرنا من الصورة وإنما المنافي لغرضه وقوع المضرة والطلب لا يوجبه فالحاصل أن طلب المضرة من حيث إنه طلب لا ينافي غرض العاقل لا بالذات ولا بالغرض بخلاف الإرادة فإنها وان لم تنافه بالذات لكنها منافية له بالغرض لكونها توجب وقوع المضرة ضرورة أن الإرادة صفة تقتضي وقوع المراد نعم الطلب والإرادة في الأكثر يتلازمان فيظن أنه يستحيل أن تجتمع مع الكراهة كما يستحيل أن تجتمع الإرادة معها.
فائدة استدل القاضي أبو الطيب الطبري في شرح الكفاية وتبعه الشيخ أبو إسحاق في شرح اللمع على أن الأمر مغاير للإرادة بأن من حلف ليقضين زيدا دينه غدا وقال إن شاء الله ولم يقضه لا يحنث في يمينه مع كونه مأمورا بقضاء دينه فلو كان الله تعالى قد شاء ما أمره به وجب أن يحنث في يمينه وهذا ظاهر إذا كان الدين حالا وصاحبه مطالب به أما إن كان مؤجلا فإنا لا نسلم وجوب الوفاء في غد إذا لم يكن عند محل الأجل وأما إذا كان حالا وصاحبه غير مطالب له ففي وجوب الوفاء على الفور إختلاف معروف في المذهب مذكور في صدر كتاب التفليس من ابن الرفعة عن الروياني وإمام الحرمين فان لم نوجبه فقد يمنع الوجوب أيضا فينبغي أن يقتصر على الاستدلال بمن عليه دين حال وصاحبه مطالب به والمديون متمكن من الإيفاء ليخرج أيضا ما إذا لم يتمكن كالمعسر فإنه لا يجب عليه مع عدم التمكن.
قال: واعترف أبو علي وابنه بالتغاير وشرطا الإرادة في الدلالة ليتميز عن التهديد. قلنا: كونه مجازا كاف.
اعترف أبو على وابنه أبو هاشم وتابعهما القاضي عبد الجبار وأبو الحسين بأن الأمر مغاير لإرادة المأمور به ولكن شرطوا إرادة المأمور به في دلالة الأمر عليه وقالوا لا ينفك الأمر عن الإرادة محتجين بأن الصيغة كما ترد للطلب ترد للتهديد مع خلوه عن الطلب فلا بد من مميز بينهما ولا مميز سوى الإرادة