للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا هو التنبيه على سر مذهب أبى الحسين والقاضي وطبقة الواقفية١.

هذا كلام إمام الحرمين ثم قال المصنف صيغة افعل ترد لستة عشر معنى:

الأول: الإيجاب كقوله تعالى: {أَقِيمُوا الصَّلاةَ} ٢.

الثاني: الندب كقوله تعالى: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً} ٣ فإن الكتابة مستحبة لهذه الآية وحكى صاحب التقريب قولا للشافعي أنها واجبة إذا طلبها قوله ومنه أي ومن المندوب التأديب كقوله صلى الله عليه وسلم لعمر بي أبى سلمة: "كل مما يليك" رواه البخاري ومسلم فإن الأدب مندوب إليه وقد جعله بعضهم قسيما للمندوب والحق أن افتراقها افتراق العام والخاص لما ذكرناه.

واعلم أن التمثيل بالأكل مما يليه ليس بجيد فان الذي نص عليه الشافعي رضي الله عنه في غير موضع أن من أكل مما لا يليه عالما بنهي النبي صلى الله عليه وسلم كان آثما عاصيا وذكره شارح الرسالة أبو بكر الصيرفي وأقره عليه والشافعي نص عليه على هذه المسألة في أخوات لها غريبات أخرجهن والدي رحمه الله وأطال الله بقاه وصف فيهن كتابه المسمى بكشف اللبس عن المسائل الخمس ونص المنصوص وقد ذكرنا عيون ذلك المختصر في ترجمة البويطي من كتابنا طبقات الفقهاء.

الثالث: الإرشاد: كقوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} ٤والفرق بين الندب والإرشاد أن المندوب مطلوب لثواب الآخرة والإرشاد لمنافع الدنيا ولا يتعلق به ثواب البتة لأنه فعل متعلق بغرض الفاعل ومصلحة نفسه


١ الواقفة: فرقة من فرق الخوارج ينتمون إلى فرقة تسمى العجاردة.
انظر: الفرق بين الفرق للبغدادي ص٢٤وما بعدها طبعة صبيح بتحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد.
٢ سورة البقرة آية ٤٣.
٣ سورة النور آية ٣٣.
٤ سورة البقرة آية ٢٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>