للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله وعكسه أي قد يستعمل الخبر ويراد به الأمر مثل قوله: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ} ١ المعنى والله أعلم ليرضع الوالدات أولادهن وهذا أبلغ من عكسه لأن الناطق بالخبر مريدا به الأمر كأنه نزل المأمور به منزلة الواقع قوله: "لا تنكح المرأة المرأة" ٢ يعني أن الخبر قد يأتي مرادا به النهي كما قد يقع مرادا به الأمر وذلك أعني مجيئه مرادا به النهي كما في الحديث الذي رواه ابن ماجة بإسناد جيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"لا تزوج المرأة المرأة ولا تزوج المرأة نفسها" فإن صيغته خبر لوروده مضموم الجيم ولو كان نهيا لكان مجزوما مكسورا لالتقاء الساكنين والمراد به النهي فهذا شرح الأقسام الستة عشر التي في الكتاب وهي في الحقيقة أكثر لاشتمال بعض أقسامها على نوعين كما عرفت وقد زاد إمام الحرمين في البرهان الأمر بمعنى الإنعام كقوله تعالى: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} ٣ قال هذا وإن كان فيه معنى الإباحة فان الظاهر منه تذكير النعمة وزاد أيضا الأمر بمعنى التعويض كقوله: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} ٤ وزاد صفي الدين الهندي تاسع عشر وهو التعجب ومثل له بقوله تعالى: {قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً} ٥ وهذا المثال جعله الآمدي وابن برهان من قسم التعجيز ورأيت في طبقات الفقهاء لأبى عاصم العبادي في ترجمة أبى إسحاق إبراهيم بن محمد الفارسي زيادات أخر منها التعجب كما قال الشيخ الهندي لكن مثل له بقوله تعالى: {انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ} ٦ ومنها الأمر بمعنى التكذيب مثل قوله تعالى: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ٧ وقوله: {قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا} ٨ ومنها الأمر بمعنى المشورة مثل:


١ سورة البقرة ٢٣٣.
٢ رواه ابن ماجة في كتاب النكاح باب: لانكاح إلا بولي ١/٦٠٥ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه – بلفظ لا تزوج بإسناد ضعيف كما رواه الدارقطني بإسناد على شرط مسلم انظر: سبل السلام ٣/١١٩-١٢١.
٣ سورة البقرة آية ١٧٢.
٤ سورة طه آية ٧٢.
٥ سورة الإسراء آية ٥٠.
٦ سورة الإسراء آية ٤٨.
٧ سورة آل عمران آية ٩٣.
٨ سورة الأنعام آية ١٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>