للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: الظاهر أنه للترك والويل للتكذيب. قيل: لعل قرينة أوجبت.

قلنا: رتب الذم على ترك مجرد افعل.

الدليل الثاني قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ} ١ ووجه التمسك انه تعالى ذم أقواما على ترك ما قيل لهم فيه افعلوا إذ الآية بسياقها تدل على الذم فلو لم تكن الصيغة للوجوب لما حسن ذلك وانما قلنا إن سياق الآية يدل على الذم لأنه ليس المراد من قوله لا يركعون الإعلام والإخبار لأن ترك الركوع من المكذبين معلوم لكل أحد فيكون ذما لهم واعترض عليه بوجهين.

أحدهما: أنا لا نسلم أن الذم على ترك مقتضى الأمر بل على تكذيب الرسل ويؤيده قوله: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} أجاب عنه بأن الظاهر أن الذم على ترك مقتضى الأمر ان رتب الذم على الترك والترتيب يشعر بالغلبة والويل على التكذيب فحينئذ إما ان يكون المكذبون هم التاركين فلهم الويل بسبب التكذيب ولهم العقاب بترك المأمور به إذ الكفار مأمورون بالفروع وإما ان يكونوا غيرهم فيجوز ان يستحق قوم الويل بسبب التكذيب وآخرون العقاب بسبب ترك المأمور به.

هذا تقرير الجواب واعترض النقشواني على الاستدلال بالآية من وجه آخر فقال لا نسلم انه ذمهم على ترك الركوع فقط بل ذمهم على كونهم بحيث لو قيل لهم اركعوا لا يركعون والمراد به انهم غير قابلين للإنذار ونصح الأنبياء وغير ملتفتين إلى دعوتهم قد انطوت جبلتهم على ما يمنعهم من ذلك والرجل قد يتصف بهذه السجية قبل ان يقال له اركع فلا يركع ونحن معترفون بأن هذه الملكة مما يوجب العذاب.

هذا اعتراضه وهو ضعيف وجوابه ما ذكرناه من ان الظاهر ان الذم على ترك مدلول قوله: {ارْكَعُوا} وما ذكره خروج عن حقيقة اللفظ من غير دليل.

والوجه الثاني: وهو يتجه على الدليلين المذكورين هذا الذي نحن فيه والذي تقدم وتوجيهه سلمنا ان الذم على الترك لكن فعل الأمر اقترنت به


١ سورة المرسلات آية ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>