أحدهما: أنه لو عمها للزم وقوع التكليف بما لا يطاق.
والثاني: أنه يلزم أن ينسخه كل تكليف يأتي بعده لا يمكن مجامعته له في الوجود وذلك لأن الأمر الأول قد استوعب جميع الأوقات بفعل المأمور به والثاني يقتضي الإتيان بالمأمور به والإتيان بالمأمور به أولا لا يمكن مع الإتيان به ثانيا فيرتفع وجوبه لعدم إمكان فعله فيلزم النسخ وهو يأكل قطعا لأن الأمر ببعض الصلوات ليس نسخا لغيرها والأمر بالحج ليس نسخا للصلاة فثبت ما قلناه من انه لا يعم كل الأوقات وحينئذ لا يكون مقتضيا وانما قيد المصنف بقوله لا يجامعه ليحترز عما يجتمع معه كالصوم مع الصلاة وفي هذين الوجهين نظر.
أما الأول: فلأن القائل بالتكرار يشترط الإمكان كما تقدم.
وأما الثاني: فلأن النسخ إنما يلزم إذا كان الأمر الثاني مطلقا غير مخصص ببعض الأوقات شرعا أو عقلا ومثل هذا غير واقع في الشرع ولو وقع لالتزم الخصم وقوع النسخ وأما إذا كان الامر الثاني مخصوصا ببعض الأوقات فلا يلزم منه نسخ الأول بل تخصيصه ولا امتناع في ذلك على أنه غير واقع على الوجه المفروض.
قال: تمسك الصديق رضي الله عنه على التكرار بقوله: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} ولم ينكر عليه قلنا لعله عليه الصلاة والسلام بين تكراره قبل النهي يقتضي التكرار فكذا الأمر قلنا الانتهاء أبدا ممكن دون الامتثال قيل لو لم يتكرر لم يرد النسخ. قلنا: وروده قرينة التكرار.
احتج من ذهب إلى أن الأمر يفيد التكرار بثلاثة اوجه.
أحدها: أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه تمسك على أهل الردة من وجوب تكرار الزكاة بقوله تعالى: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} ولم ينكر عليه أحد من الصحابة فدل على انعقاد الإجماع على أن الأمر للتكرار والجواب بعد تسليم أن الإجماع السكوتي إجماع أنه لعل النبي صلى الله عليه وسلم بين للصحابة رضي الله عنهم أن قوله: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} يفيد التكرار فتمسك الصديق رضوان الله عليه بها