الثانية من السؤال الأول وهو أن الحكم يوصف بالحدوث فمنع ذلك وقال الحادث إنما هو التعلق فإذا قلنا حلت هذه المرأة بعد أن لم تكن حلالا فليس معناه أن إحلالها حدث وإنما معناه أنه تعلق بالعبد وهذا اختيار من المصنف أن التعلق حادث وهو المذكور في المحصول هنا وفي موضع آخر خلافه وهو المختار١ ولو كان التعلق حادثا لكان الخطاب المتعلق حادثا ضرورة أخذ التعلق قيدا فيه ويلزم على هذا أن يكون الحكم حادثا وهو قد فر منه وأن الكلام في الأزل لا يسمى حكما ومن ضرورته ألا يكون أمرا ولا نهيا ونحن لا نقول به ولا ينجى من هذا إلا أن يقال وصف الحكم في الأزل بالتعلق على سبيل الصلاحية ولكن هذا لا ضرورة إليه فالمختار أن الإحلال مثلا قديم وكذلك تعلقه وأن التعلق نسبة فهو يستدعي حصول متعلقه في العلم لا في الخارج وإنما الذي يحدث بعد ذلك الحل وهو غير الإحلال وإنما ينشأ عنه بشروط كلما وجدت وجد كما لو قلت أذنت لك أن تبيع عبدي هذا يوم الخميس فالإذن قبل الخميس موجود متعلق به وأثره يظهر يوم الخميس وعلى هذا يجب أن يحمل قولهم بحدوث التعلق فلا يكون بين الكلامين مخالفة في المعنى وكأن للتعلق طرفين من جهة المتكلم يتقدم ومن جهة المخاطب قد يتأخر.
"والحكم متعلق بفعل العبد لا صفته كالقول المتعلق بالمعدومات".
هذا جواب عن قوله ويكون صفة لفعل العبد فأجاب بأن الحكم قول متعلق بالفعل لا صفة للفعل لأن معنى الإحلال قول الله رفعت الحرج عن فاعله وهذا القول صفة لله تعالى قائم بذاته متعلق بغيره لا صفة كالقول
١ في هامش النسخة المطبوعة: والمنسوب إلى الشيخ أبي الحسن الأشعري أنه قديم، وعليه مدار كلام الأئمة، وفي ابن الحاجب التصريح به في مسألة أمر المعدوم، وهو الحق، ولو قيل: إن التعلق لا يوصف بقدم ولا حدوث، لكونه نسبة لم يبعد، إذ النسب والأمور الاعتبارية المختار فيها كذلك، لأنها عدمية، كما هو الحق، وقد فاه بذلك جميع متأخري علمائنا، لكن المشهور القول بالحدوث فليتأمل اهـ.