يريد أن طريقة الإحتياط غير منقوضة على تقدير اعتبار قوله في أي وقت شئت أو لا فإن أراد الأول لم يبق احتياط ضرورة استواء الفعل على الفور والتأخير فلا يقال طريقة الاحتياط باقية وإن أراد الثاني فليس الجواب أن طريقة الاحتياط غير منقوضة إذ لا خوف ثمنه ضرورة قيام الخوف على تقدير عدم اعتبار ذلك الفور بل الجواب أن ذلك بقوله افعل في أي وقت شئت والكلام في الأمر بمجرده قال والإشارة بقوله ثمة إلى الصورة التي أوردها الإمام وهي الصورة الأخيرة خارج عن وضع اللغة فالأولى به أن يقول: ألا خوف هنا.
واعلم أن المنتصر لكلام الإمام أن يقول: مراد الإمام بقوله افعل في أي وقت شئت ان هذا القول لا يعد منافيا لقوله افعل بل يكون موافقا لمقتضاه فلا يتصور طريقة الإحتياط إلا إذا كان الفور راجحا أو مساويا أما إذا كان الراجح التوسعة فلا تأتي طريقة الاحتياط وإلا فالإمام ما يجهل أن قوله افعل في أي وقت شئت غير قوله افعل من غير ضميمة هذا كله كلام ابن الجزري وفيه نظر يحتاج إلى تطويل وقال الترمذي التمسك على الفور بطريقة الاحتياط ضعيف لأن الاحتياط ليس من أمارات الوضع ولا مقتضيات الوجوب بل هو من باب الأصلح ثم قوله افعل الآن يعد تأكيدا وفي أي وقت شئت يعد تخفيفا ومسامحة قال القرافي ويرد عليه أن ههنا قاعدة خفية عادة الفضلاء يوردون بسبب إهمالها سؤالا فيقولون في كلما يقول المستدل فيه هذا ارجح فيجب المصير إليه ان الرجحان يقتضي أنه أحسن أما أنه المتعين فلا الندب هو اللازم في هذه المواطن التي فيها الرجحان بالاحتياط ونحو ذلك أن فعل الأحسن مستحب ولا يصل إلى الوجوب قال وأهملت قاعدة وهي إن الرجحان إن كان في أفعال المكلفين فكما قالوه وإن كان في مدارك المجتهدين وأدلة المناظرين اقتضى ذلك الوجوب والتحتم والروم بل العقد الاجماع على أن المجتهد عليه اتباع الراجح من غير رخصة في تركه بخلاف الراجح في حق المكلف إنما هو مندوب وكذلك الراجح في الاجتهاد في طلب القبلة وطهورة الماء من باب الوجوب إجماعا ومنه قيد المتعلقات وأروش الجنايات قال فتأمل هذه القاعدة فهي ظاهرة وهي خفية وبها يظهر بطلان