والكلام أن صيغة النهي هل هي حقيقة التحريم أو الكراهة أن مشتركة بينهما أو موقوفة على ما سبق في الأمر فالخلاف في اكثر المسائل على وزان الخلاف في مقابلتها من مسائل النهي والمآخذ كالمآخذ وقد سبق أن الأمر المجرد عن القرينة يقتضي الوجوب فالمختار ان النهي المجرد عن القرينة يقتضي التحريم.
واعلم أنه إذا ثبت أن الامر للوجوب والنهي نقيضه فلا يثبت ان النهي للتحريم بل أنه ليس للوجوب لأن نقيض الوجوب لا وجوب ولما كان في الرأي المختار زيادة وهو ان النهي للتحريم استدل عليه بقوله تعالى:{وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ووجه الاحتجاج انه أمر بالانتهاء عن المنهى والأمر للوجوب فكان الانتهاء عن المنهى واجبا وذلك هو المراد من قولنا النهي للتحريم ولقائل أن يقول هذا أولا لا يتم إلا بعد تسليم أن الأمر للوجوب وثانيا أن التحريم حينئذ لا يكون مستفادا من صيغة النهي بل بما دل من خارج وهو قوله: {فَانْتَهُوا} بل قد يقال لو كان النهي للتحريم لما احتيج إلى الأمر باجتناب المنهي عنه فكان الأمر بذلك دليلا على أن التحريم غير مكتسب منه وبهذا يظهر لك أن التحريم مستفاد من الشرع لا من اللغة ولم ترد الصيغة المطلقة من حيث اللغة على تضمن جزم الاقتضاء في الإنكفاف عن المنهي عنه كما قدمناه في الأمر إذا قلنا الصيغة المطلقة تتضمن جزم الاقتضاء في المأمور به وهذا هو مذهب إمام الحرمين الذي اخترناه كما علمت ثم قال:
وهو كالأمر في التكرار والفور.
حكم النهي حكم الأمر في عدم دلالته على التكرار وعلى الفور وقد اختار