للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معرفة نحو هات ما رأيت فيفيد العموم فيما عدا العالمين من الزمان والمكان والجماد والذات وقد تتناول أولى العلم ايضا.

الثاني: ان يختص عمومه ببعضهم فأما ان يختص بالأمكنة نحو ان تجلس اجلس ومنه حيث وأني أو بالأزمنة متى تقول متى تقم أقم.

فإن قلت قد جعلتم هذه الصيغ للعموم في الأصول وخالفتم ذلك في الفروع بدليل ان من قال لامرأته متى قمت أو حيث أراني قمت فأنت طالق لا يقع عليه الا واحدة ويقتضي ما قررتم تكرار الوقوع بتكرار القيام كما لو قال كلما قلت ليس من لازم العموم التكرار في كلما فلخصوصية كل لدلالتها على كل فرد فيتعلق به الحكم وليس ذلك في شيء من صيغ العموم غيرها وهنا مهمات نبه عليها والدي رحمه الله في كتابه الموضوع في أحكام كل وهو كتاب جليل ونحن نورد هنا مما يتعلق به صيغة الأصول منها ما يتهذب به النظر فتقول أطلق الأصوليون هذه الصيغ وأن مدلولها كل فرد فأما كل فلا يدخل الا على ذي جزئيات وأجزاء ومدلولها في الموضعين الإحاطة بكل فرد من الجزئيات أو الأجزاء أو قد تضاف لفظا إلى نكره مثل: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} ١ {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ} {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ} ٢ وقال لبيد:

ألا كل شيء ما خلا الله باطل ... وكل نعيم لا محالة زائل

وقال كعب بن زهير:

كل ابن أنثى وان طالت سلامته ... يوما على آلة حدباء محمول

ومعنى العموم في هذا القسم كل فرد لا المجموع وكل لا دلالة لها الا على كل فرد وهي نص في كل فرد مما دلت عليه تلك النكرة مفردا كان أو تثنية أو جمعا ويكون الاستغراق للجزئيات بمعنى ان الحكم لكل جزء من جزئيات النكرة وقد يكون مع ذلك الحكم على المجموع لازما كقولنا


١ سورة الطور الآية ٥٢.
٢ سورة الإسراء آية ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>