للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيرها قررها في أحكام كل وهي ان قولنا مثلا ما كل ما يتمنى المرء يدركه سالبة محصلة نقيض الموجبة المحصلة والموجبة المحصلة تقتضي العموم فلا يقتضيه نقيضها وكذلك قولك لم يقم كل إنسان سالبة محصلة معناها نقيض لمعنى الموجبة المحصلة وهي قولك قام كل إنسان وقولك قام كل إنسان معناه الحكم على كل فرد بالقيام فيكون المحكوم به في السالبة المحصلة نقيض قيام كل فرد ونقيض الكلي جزئي فيكون مدلوله سلب القيام عن بعضهم لأنه النقيض وهذا بخلاف ما إذا تأخر السلب عن كل كما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم: "كل ذلك لم يكن". وقول الشاعر: كله لم اصنع, فقد بان الفرق بين سلب العموم وعموم السلب.

واعلم ان النهي والنفي من واد واحد ومقتضى ذلك ان يطرد حكم النفي في النهي.

فإذا قلت لا تضرب كل رجل أو كل الرجال يكون النهي عن المجموع لا عن كل واحد ويتعدى هذا إلى سائر صيغ العموم كقولك لا تضرب الرجال الا ان يكون هناك قرينة تقتضي ثبوت النهي لكل فرد الأصوليون قالوا:

دلالة العموم كلية ولذلك يستدل بها في النفي والنهي وما ذكرناه يرد عليهم.

قلت: وهذا الذي أوردناه من التفرقة بين تقدم النفي على كل وتأخره عنها هو الذي ذكره البيانيون وارتضاه الشيخ الإمام والدي أيده الله وهو ان كان في غاية الظهور الا ان لقائل ان يقول ما برحت العلماء سلفا وخلفا تستدل بقوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ} ١ {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ} ٢ ونظائر ذلك على إثبات الحكم لكل فرد ولم يقل أحد ان ذلك نهي عن المجموع وقال


١ سورة الأنعام ١٥١, والإسراء آية ٣١.
٢ سورة الأنعام ١٥١, والإسراء آية ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>