للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيما زاد على ذلك هذا كلامه وهو قريب من مذهب الواقفية الا انه لم يصرح بأنه متردد في ان العموم هل له صيغة أو هل الصيغة مشتركة وانما ذكر الاحتجاج فقط وابن الحاجب لم يتابعه على هذا بل اختار مذهب الشافعي رضي الله عنه واستدل المصنف عليه بوجهين.

أحدهما: انه لو لم تكن هذه الصيغ للعموم لما جاز دخول الاستثناء لكنه يجوز أن يستثني منها ما يشاء من الأفراد بالاتفاق فدل على أنها للعموم وبيان الملازمة ان الاستثناء وإخراج ما لولاه لوجب دخوله في المستثنى منه فلزم ان يكون كل الأفراد واجبة الإندراج ولا معنى للعموم الا ذلك وانما قلنا لولا الاستثناء لوجب اندراج المستثنى في المستثنى منه ولان الاندراج جائز بالاتفاق فلو لم يكن واجبا ايضا لكان يجوز الاستثناء من الجمع المنكر لاشتراكهما في إمكان اندراج كل فرد من أفرادهما تحته فتقول جاء رجال الا زيدا وقد نص النحاة على منعه وأجاب بأن ما ذكرتموه منقوض بالاستثناء من العدد فانه يجوز وهذا الجواب أولا ضعيف لان للخصم أن يمنع صحة الاستثناء من تعدد كما هو أحد المذاهب للنحاة وصححه إبن عصفور.

وثانيا: لا يحتاج إليه لأنه لم يدع وجوب الاندراج مع كونه مستثنى وانما ادعاه عند عدمه ولهذا قال ما يجب اندراجه لولاه وعلى هذا الفرض فالمستثنى ليس داخلا في المستثنى منه نية وإنما هو داخل لغة لأن المختار أن الحكم على المستثنى منه إنما هو بعد إخراج المستثنى فلا تناقض واعترض القرافي على الدليل بان الاستثناء أربعة أقسام ما لولاه لعلم دخوله نحو عشرة الا اثنين وما لولاه لظن دخوله وهو الاستثناء من العمومات نحو اقتلوا المشركين الا زيدا وما لولاه لجاز دخوله من غير علم ولا ظن وهو أربعة الاستثناء من المحال نحو اكرم رجلا الا زيدا فان كل أخص محل لأعمه والأزمنة نحو صل الا عند الاستواء والأمكنة نحو صل الا في الحمام والأحوال كقوله تعالى: {لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} ١ أي في كل حالة من الأحوال الا في حالة الإحاطة بكم وما لولاه لامتنع دخوله نحو الاستثناء المنقطع في قولك قام القوم


١ سورة يوسف آية ٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>