قال الثالثة: الجمع المنكر لا يقتضي العموم لأنه يحتمل كل أنواع العدد قال الجبائي انه حقيقة في كل أنواع العدد فيحمل على الجميع حقائقه قلنا لا بل في القدر المشترك.
الجمع المنكر إذا لم يكن مضافا لا يقتضي العموم عند الجمهور بل يحمل على ثلاثة أو اثنين على الخلاف في اقل الجمع وذهب أبو على الجبائي إلى انه يقتضيه قال صفي الدين الهندي والذي أظنه ان الخلاف في غير جمع القلة وإلا فالخلاف فيه بعيدا جدا إذ هو مخالف لنصهم على انه للعشرة مما دونها انتهى لكن الحكايات في غالب المصنفات عن الجبائي ناطقة فانه يجمع الجمع المنكر بمنزلة الجمع المعرف والقاضي في مختصر التقريب صرح بحكاية ذلك عنه وقضية ذلك عدم التفرقة بين جموع القلة والكثرة لنا ان لفظ رجال يحتمل جميع أنواع العدد لأنه يصح لغة بأي جمع شئنا فنقول رجال ثلاثة وأربعة وخمسة فصح نقسمه الى ذلك ومورد التقسيم اعم من كل واحد من تلك الاقسام الخاصة والأعم لا يدل على الأخص فاللفظ الدال على ذلك المورد لا يكون له أشعار بتلك الاقسام فلا يكون الا عليها وفي قول المصنف في كل أنواع العدد مناقشة إذ يقال الاثنان عدد باتفاق لحساب وليس ذلك بجمع على رأيك لأنه اقل الجمع ثلاثة واحتج الجبائي بأن جملة على الاستغراق حمل له على كل حقائقه لأنه يطلق على كل نوع منها والاصل في الإطلاق الحقيقه مشتركا بينهما فيحمل عليها.
أجاب بأنا لا نسلم انه حقيقة في القدر المشترك بين الكل وهو مطلق الجمع الصادق على الثلاثة والأربعة فما فوقهما وقد بينا ان الدال على ما به الاشتراك غير دال على ما به الاحتياز.
واعلم ان هذا الدليل الذي أورده الجبائي يستفاد منه انه عنده من المشتركات وانه يحمل المشترك على معاينة وسبق التنبيه على ذلك في مسالة المشترك وللجبائي دليل آخر يغاير هذه الطريقة وهو صحة الاستثناء من الجمع المنكر حكاه عنه الأصوليون على طبقاتهم القاضي فمن بعده وهو مغايرته لهذه