للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيهن سهى عن الصلاة بعد دخول وقتها ووجوبها عليه واستمر سهوه حتى خرج الوقت فالوجوب قد تحقق وتحقق الترك ولا معصية بسبب السهو كمن مات في أثناء الوقت لا يعصى على الصحيح فطريان السهو في أثناء الوقت كطريان الموت وكذا إذا طرأ النوم عن غلبة وإنما قيدت بقولي عن غلبة لأنه إذا قصد النوم حيث يحتمل عنده أن يستيقظ قبل خروج الوقت وألا يستيقظ والاحتمالان على السواء فإنه إذا نام يكون قد عرضها للفوات فيظهر عصيانه وهذا قلته تفقها ثم وجدته في فتاوى أبي عمرو بن الصلاح١ واستدل بما جاء في الحديث في العشاء أنه نهى عن النوم قبلها وإن غلب على ظنه أو يستيقظ قبل خروج الوقت٢ فالذي يظهر جواز النوم ولا يعصى إذا استغرق به النوم على ندور حتى خرج الوقت ويحمل الحديث على ما سوى هذه الصورة أو على أنه نهى تنزيه وإن ظن أنه لا يستيقظ حرم بلا إشكال مهما نام بعد الوقت أما إذا نام قبله فلا لأن التكليف لم يتعلق به ودع٣ من يعلم من عادته أنه لا يستيقظ إلا بعد الوقت لقول النبي صلى الله عليه وسلم "إذا استيقظت فصل" فإن قلت هل هذا القيد الذي زاده المصنف لا بد منه حتى يكون الحد بدونه فاسدا قلت ينبني على شيء وهو أن عدم الفعل أعم من تركه فمن مات ونام غلبه أو أقبل الوقت حتى خرج يقال في حقه لم يصل ولا يقال ترك الصلاة ومن اشتغل بضدها وهو ذاكر لها فقد تركها قصدا ومن نام عن اختيار في أثناء الوقت مع علمه من عادته ألا يستيقظ داخل في ذلك وأما الساهي وهو الذي اشتغل بضدها قاصدا لذلك الضد ولم يخطر بباله الصلاة فيقال إنه لم يصل وهل يقال


١ هو عثمان بن عبد الرحمن، أبو موسى الشهرزوري، المعروف بابن الصلاح، أحد العلماء المبرزين في التفسير، والحديث، والفقه، أسماء الرجال وغير ذلك من العلوم النقلية والعقلية.
من مؤلفاته: "معرفة أنوع علم الحديث" والمعروف مقدمة ابن الصلاة، والفتاوى، وشرح الوسيط في فقه الشافعية، طبقات الفقهاء الشافعية.
توفي رحمه الله تعالى سنة ٦٤٣هـ وفيات الأعيان ١/٣١٢، الأعلام ٤/٣٦٩.
٢ روى عن أبي برزة الأسلمي أن النبي صلى الله عليه وسلم: "كان يستحب أن يؤخر العشاء التي تدعونها العتمة وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها" رواه الجماعة.
٣ في هامش النسخة المطبوعة: في شرح ابن النحوي: ودع بصيغة الأمر والمعنى –والله أعلم- واترك من يعلم من عاداته إلخ فلا تقيد به". اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>