للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثانيها: قوله تعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} ١ والمراد عائشة وحفصة رضي الله عنهما فاطلق القلوب وأراد قلبين والاصل في الاطلاق الحقيقة قال امام الحرمين في التلخيص وهذه الآية أقوى الآيات في الدلالة على الخصوم وقد أجيب عن الاحتجاج بها كما ذكره في الكتاب بأن حقيقة القلب الجرم الحال في الجانب الأيسر ومجازه ميوله ومنه قولهم لا قلب له الى فلان أي لا ميل والمجاز هو المراد هنا والتقدير فقد صفت ميولكما يدل على هذا ان الجرم لا يوصف بالصفو وهذا الجواب ايضا ساقط لأن القاعدة عند النحاة انه إذا أضيف شيئان الى ما تضمنها جاز فيه ثلاثة اوجه نحو قطعت رأسي الكبشين وراس الكبشين ورؤوس الكبشين.

وثالثها: قوله صلى الله عليه وسلم: "الاثنان فما فوقهما جماعة"٢ رواه الدارقطني من حديث عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مشهور وحاصل ما فيه بعد ان يعرف انه عمر بن شعيب محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص ان قوله جده يحتمل ان يكون جده الأدنى الحقيقي وهو محمد فيكون حديثه مرسلا فان محمدا تابعي ويحتمل ان يكون جده الأعلى المجازي وهو عبد الله فيكون متصلا وقد اختلف العلماء في الاحتجاج به إذا كان هذا فاحتج به اكثر من لا يحتج المرسل حملا له على جده الأعلى ورواه ابن ماجة من حديث الربيع بن بدر المعروف بعليلة وهو ايضا ضعيف وأجاب الإمام بأنه إذا أمكن حمل كلام النبي صلى الله عليه وسلم على حكم شرعي ولغوي فالشرعي أولى لكونه مبعوثا لبيان الشرعيات فيحمل هنا على إدراك فضيلة الجماعة وبأنه نهى عن السفر الا في جماعة فبين بهذا الحديث ان الاثنين فما فوقهما جماعة في جواز السفر وهذا ما اقتصر في الكتاب على ذكره ولقائل ان يقول سفر الواحد منفردا ليس بحرام إنما هو مكروه بل الجواب ان الخلاف ليس في لفظ الجمع ولا لفظ الجماعة كما تقدم.


١ سورة التحريم آية ٤.
٢ رواه البخاري في كتاب الصلاة, باب الإثنان فما فوقهما جماعة, والنسائي في كتاب الإقامة, باب: الجماعة إذا كانوا اثنين..
كما رواه ابن ماجة من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>