للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وقد ذكر القاضي المسالة في مختصر التقريب وقال ان من الاصوليين من نزله منزلة الاستثناء المصرح به كلام الله تعالى قال القاضي والذي نرتضيه انه صلى الله عليه وسلم ان ابتدأ من تلقاء نفسه كلام ولم يصفه الى كلام الله تعالى فيلتحق ذلك في المنفصل ولا يجعل كلامه صلى الله عليه وسلم استثناء حقيقيا بل هو تخصيص سواء قدر متصلا أو منفصلا.

والثاني: اعلم ان الاصوليين لم يذكروا التفرقة بين العام المخصوص والعام الذي أريد به الخصوص وهو تحرير منهم والشافعي رضي الله عنه له أقوال في قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} منها انه عام مخصوص ومنها انه عام مراد به الخصوص وقد كثر الكلام في ذلك وتشعب النظر ولوالدي أيده الله تعالى في ذلك كلام نفيس ونحن نذكر جميع ما ذكره فانه مما ينبغي ان يغتبط به الفطن قال احسن الله إليه كثر الكلام في العام المخصوص والعام الذي أريد به الخصوص في الفرق بينهما وفي ان العام المخصوص مجاز أولا وظن جماعة ان هذا الخلاف في ان العام المخصوص مجاز أو لا يجري في العام المراد به الخصوص والذي أراه في ذلك وبالله العون والتوفيق أما العام الذي أريد به الخصوص فهو العام إذا أطلق وأريد به بعض ما يتناوله فهو لفظ مستعمل في بعض مدلوله وبعض الشيء غيره فالذي يظهر أنه مجاز قطعا إلا أن قيل ان العام دلالته على كل فرد من أفراده دلالة مطابقة.

فقد يقال حينئذ على هذا بأنه حقيقة في كل فرد فان جاء خلاف فيه فإنما يجيء من هذه الجهة وشرط الإرادة في هذا النوع على ما ظهر لنا أن تكون مقارنة لأول اللفظ ولا يكتفي بطريانها في أثنائه لأن المقصود فيها نقل اللفظ عن معناه الى غيره واستعماله في غير موضوعه وليس إرادة إخراج لبعض المدلول إرادة استعماله اللفظ في شيء آخر غير موضوعه كما يراد باللفظ مجازه الخارج عنه لا فرق بينهما الا ان ذاك خارج هذا داخل لأن البعض داخل في الكل ومن يجعل الدلالة على كل فرد دلالة مطابقة لا يناسبه ان يقول انه استعمال اللفظ في غير موضوعه بل يصير كاستعمال المشترك في أحد معنييه وهو استعمال حقيقي وارادة أحد معنيي المشترك عند مانع استعمال المشترك

<<  <  ج: ص:  >  >>