للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} ١وقال: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} ٢فهذا عام لا خاص فيه انتهى.

وهو كما صرح به الشافعي وإنما ذكره توطئة لما بعده وليس مما بوب له الا في كونه أريد به العموم فالمراد به العموم قسمان:

أحدهما: حقيقة لا خصوص فيه وهو خالق كل شيء.

والثاني: مجاز فيه خصوص وهو ما ذكره الشافعي بعد مثل القرية الظالم أهلها ولم يلتفت الشافعي الى ما يقوله الأصوليون من ان خالق كل شيء مخصوص بالعقل وكأنه لأن العقل لما دل على المراد به جعله هو المقصود به في كلام العرب لأنها إنما تضع لما يعقل ثم قال الشافعي وقال الله: {وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ} ٣ الآية قال الشافعي وهكذا قول الله عز وجل: {حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا} ٤ ففي هذه الآية دلالة على انه لم يستطعما كل أهل قرية فهي في معناها وفيها وفي القرية الظالم أهلها خصوص لأن كل أهل القرية لم يكن ظالما قد كان فيهم المسلم ولكنهم كانوا فيها مكثورين فكانوا فيها اقل انتهى.

فهذا عام أريد به العام ودخله الخصوص وليس المعنى هنا من إرادة العام جميع الأفراد بل الكثرة المنزلة منزلة الكل ويظهر انه مجاز وليس من مجاز استعمال لفظ الكل في البعض لأن ذلك لا يفترق الحال فيه بين بعض وبعض وهذا في بعض كثير غالب على الباقي فهو أقوى لأنه اجتمع فيه مجاز البعض ومجاز المشابهة إذا الأكثر يشبه الكل في الكثرة وهو مع ذلك قد دخله التخصيص فمن جعل العام المخصوص مجازا يكون قد اجتمع فيه نوع آخر من المجاز ايضا وهذا غريب ينبغي ان يتفطن له ومن لم يجعل العام المخصوص مجازا يقتصر على المجاز من الجهة الأولى وهذا من نفائس البحث وبه يظهر أن العام المراد به العموم قسمان:


١ سورة النحل آية ٣.
٢ سورة هود آية ٦.
٣ سورة النساء آية ٧٥.
٤ سورة الكهف آية ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>