للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: عليه السلام: "أطت السماء وحق لها ان تئط ما فيها موضع شبر إلا وفيه ملك يسبح الله" ولقائل أن يقول الجواب عن الأول ان جعل إلا بمعنى لكن فيه خروج من حقيقته بلا دليل وعن الثاني إن الدعوى فيما إذا كان عدد المستثنى والمستثنى منه مصرحا به وفيما إذا لم يكن وعن الثالث بأنه تعالى قال في سورة الحجر حكاية عن إبليس: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} ١ فاستثناء الأول لأنه استثنى المخلصين من بني آدم وهم أقل ثم قال: {قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} ٢ والمراد بعباده هنا المعهودون الذين تقدم ذكرهم وفيهم وقع الكلام وهم المخلصون من بني آدم وليس المراد العموم حتى تدخل الملائكة لأن العهد على العموم والآية وقعت في الحجر مبينة والقصة واحدة والله أعلم.

ومنهم من استدل مع التمسك بقوله: {إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} بقوله: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} ٣ ولم يتعرض للآية الأخرى وفيه نظر فإن قوله وما أكثر الناس إنما يدل على الأكثرين من الذين بعث إليهم النبي صلى الله عليه وسلم والألف واللام في الناس للعهد ولا يلزم من كون الغاوين أكثر في هذه الطائفة أن يكونوا أكثر بالنسبة إلي كل الطوائف من لدن آدم عليه السلام إلى يوم القيامة والله اعلم.


١ سورة الحجر ٣٩-٤٠.
٢ سورة الحجر ٤١- ٤٢.
٣ سورة يوسف ١٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>