للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يرزقه خطأ كما قال أبو بكر الصيرفي بل لا بد أن يرزقه إلى أن يغنيه بما يقيم حياته وله نفس ثابتة وقد جعل الله غذاء طائفة من الطير التنفس إلى مدة يصلح فيها للمأكل وليس في قوله عز وجل: {يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ} ما يوجب انه لا يرزق بعض الدواب قال الصيرفي لأن هذا رزق التفضيل بقوله: {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ} ١ والتفضيل وقع كما رأينا الموسر والمعسر واما الرزق الذي يقيم الأبدان للعبادة أو الحياة فلا بد منه كما قال الله عز وجل وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الروح الأمين قد ألقى في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب" ٢ قال الصيرفي فهذا نص من السنة إن كل نفس لا بد من استيفائها رزقها واعلم أن الشافعي إنما قال كل شيء من سماء وأرض إلى آخره ليذكر أفرادا مما دخل تحت اللفظ العام يتبين بها أن الداخل تحته من جنسها ولم يتعرض للأشياء التي ذكرت من العلم والقدرة والكلام لكراهية الكلام وتجنبه ترك الخوض فيه.

فرع: قال الإمام النسخ بالنسخ بالعقل واحتج بأن من سقط رجلاه نسخ عنه غسلهما وهو مدخول فإن ساقط الرجلين لم ينسخ عنه غسلهما بل زال الوجوب لعدم القدرة لا غير ثم أن ما ذكره مخالف لما قاله في النسخ من أنه لا بد وأن يكون بطريق شرعي.


١ سورة النحل آية ٧١.
٢ حديث صحيح, رواه أبو نعيم في الحلية من حديث أبي أمامة بلفظ "أن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها فاتقوا الله واجملوا في الطلب ولا يحملن أحدكم استبطاء أن يطلبه بمعصية الله فإن الله تعالى لاينال ماعنده إلا بطاعته.
الفتح الكبير ١/٣٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>