وهو وهم وحجتنا ان العام والخاص قد اجتمعنا فأما أن يعمل بهما أو لا يعمل بواحد منهما أو يعمل بالعام دون الخاص أو بالعكس والأقسام الثلاثة الأولى باطلة فتعين الرابع أما الأول والثاني فلاستحالة الجمع بين النقيضين ولاستحالة الخلو عنهما ويراد الثاني انه يستلزم ترك الدليلين من غير ضرورة وهو باطل وأما الثالث فلأنه يستلزم إبطال أحدهما بالكلية بخلاف عكسه فإنه لا يستلزم إبطال العام بالكلية بل من وجه فكان العمل به متعينا لأن أعمال الدليلين أولى من إبطال أحدهما بالكلية واحتج أصحابنا بأن الخاص أقوى دلالة على ما يتناوله من العام واحتج أبو حنيفة بما روى أن ابن عباس رضي الله عنه قال كنا نأخذ بالأحدث فالأحدث من أمور رسول الله وأجيب بأنه يجب حمل الأحدث على غير صورة النزاع جمعا بين الدليلين والله اعلم ولا يخفى عليك أن الخاص المتأخر إنما يكون مخصصا للعام المتقدم إذا ورد وقت العمل بالعام أو قبله أما إذا ورد بعده فكذلك عند من يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة وعند المانعين يكون الخاص ناسخا للعام إن كان مما يصلح لنسخه وإلا فلا يعبأ به.