للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثانيهما: إنا سلمنا ان مقدمات القياس اكثر مطلقا لكن في العمل فيهما عمل بالدليلين وهو أحرى أي أحوط وأولى كما سبق وقد عرفت ما فيه من النظر والحق ان الوجهين ضعيفان أما هذا فلما عرفت واما الذي قبله فلأن القياس لا بد وأن يستند إلى أصل وذلك الأصل ان لم يكن مقطوع المتن تطرقت إليه هذه الإحتمالات وينضم إليها ما يختص به القياس من المحتملات فيكون الاحتمال فيه اكثر وان كان مقطوع المتن فدلالته ظنية وهي تقبل القوة والضعف كالقياس وعند ذلك نقول الحق في الجواب ان يقال كميات المقدمات قد تعارض كيفياتها بمقدمات القياس وإن كانت كثيرة لكنها قد تكون أقوى من مقدمات العام القليلة التي للعام او أرجح ومن أمثلة ذلك أنه لا يخفى على ذي لب أن إلحاق النبيذ بالخمر بالقياس بعلة الإسكار اغلب على الظن من بقائه تحت قوله تعالى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً} ١ وكذلك دلالة قياس الأرز على البر في الربا أقوى بالنسبة الى الدلالة المأخوذة من قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} ٢ على جواز بيعه متفاضلا وإذا فهم هذا لاح وجه الحق مع الغزالي ووضح ان مذهبه هو المرتضى الذي نختاره فإذا قلت ما ذكره الغزالي من الأخذ بأرجح الظنين يلزمه في خبر الواحد مع العموم فإن المرجحات المتجهة هنا متجهة ثم من جهة غلبة المجاز على أحدهما وقلته في الآخر وكثرة الأفراد وقلتها ونحو ذلك قلت أجاب الأصفهاني شارح المحصول بأن ذلك لا يلزمه فإنه يرى ان خبر الواحد في دلالته على مورده الخاص كالنص او هو نص فيه ودلالة العموم على مورده الخاص ضعيفة لاحتمال الإجمال في صيغة العموم بسبب الاشتراك على رأي قدم ولا كذلك القياس مع العمومات فإن قلت الخلاف في اصل هذه المسألة من جنس الخلاف في القطعيات او المجتهدات قلت قال الغزالي يدل سياق كلام القاضي على ان القول في تقديم خبر الواحد على عموم الكتاب وفي تقديم القياس على العموم مما يجب القطع فيه بخطأ المخالف ما به من مسائل الأصول قال وعندي إلحاق هذا بالمجتهدات أولى فإن الأدلة فيه من الجوانب متفاوتة غير بالغة مبلغ القطع.


١ سورة الأنعام آية ١٤٥.
٢ سورة البقرة آية ٢٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>