البحث الثاني: فيما أن أعمل الراوي بخلاف العموم هل يكون ذلك تخصيصا للعموم وقد اختلفوا فيه الاكثرون منهم الإمام والآمدي الا انه لا يخصص وعزاه الإمام الى الشافعي قال لأنه قال ان حمل الراوي الخبر على أحد محمليه صرت إلى قوله وإلا فلا أصير إليه.
هذا كلام الإمام وهو صريح في ان صورة اختياره في المسألة التفصيل الذي ذكره ومنهم من يطلق القول في المسألة ويجعل هذا قولا مفصلا.
وذهبت الحنفية والحنابلة الى ان يكون مخصصا وفصل بعضهم فقال ان وجد ما يقتضي تخصيصه به لم يخصص بمذهب الراوي بل به ان اقتضى نظر الناظر فيه ذلك والأخص بمذهب الراوي وهو مذهب القاضي عبد الجبار وقال امام الحرمين إن علم من حاله أنه فعل ما يخالف الحديث نسيانا فلا ينبغي ان يكون فيه خلاف إذ لا يظن بعاقل انه يرجح فعله إذ ذاك ولو احتمل ان يكون فعله احتياطا كما لو روى ما يقتضي رفع الحرج عن الفعل فيما يظن به التحريم رأيناه متحرجا عنه غير ملابس له فالتعويل على الحديث ويحمل فعله على الورع والتعليق بالأفضل وإن لم يحتمل شيئا من ذلك لم يجز التعليق بالحديث قلت وعندي ان محل الخلاف مخصوص بالقسم الثالث إذ لا يتجه في القسمين الأولين.
وقد مثل المصنف تبعا للإمام هذه المسألة بما روى عن مسلم عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب ان يغسل سبع مرات أولاهن بالتراب رواه البخاري ولفظه إذا شرب مع ان أبا هريرة كما روى قال يغسل ثلاثا فلا نأخذ بمذهبه لأن قول الصحابي ليس بدليل إذ نحن مفرعون على ان قوله غير حجة وهذا المثال على هذا الوجه غير مطابق لأن التخصيص فرع العموم وسبع مرات من أسماء الأعداد التي هي نصوص في مسمياتها لا عامة نعم قد يحسن ايراد ذلك مثالا إذا صدرت المسألة هكذا الراوي الصحابي إذا خالف الحديث وفعل ما يضاده فهل يعول على الحديث او على فعله نحو خبر أبي هريرة واما لما نحن فيه فلا يحسن إيراده مثلا ومثل له صفي الدين الهندي وكذا ابن برهان كما نقل القرافي عنه بمثال اقرب من هذا وهو ابن عباس رضي الله عنه روى من بدل دينه فاقتلوه وهذا عام في