للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقتضي ذلك وليس أخذ الحكم المذكور من هذا الإطلاق بأولى من رد هذا الإطلاق بقول إمام الحرمين.

فإن قلت: إدراج المصنف وغيره لفعل غير المكلف لا يتعلق به الحكم لأن الحكم هو المتعلق بأفعال المكلفين قلت: الفعل الذي هو متعلق الحكم والفعل الحسن بينهما عموم وخصوص من وجه فقسمنا الأول إلى حسن وغيره والحسن من هذه القسمة لا يشمل فعل غير المكلف ثم قسمنا مسمى الحسن مطلقا إلى فعل المكلف وغيره مما ليس متعلقا بالحكم فخرج من التقسيمين أن الواجب والمندوب والمباح من قسم الحسن المحكوم فيه وأن فعل غير المكلف من قسم الحسن غير المحكوم فيه وهذا شأن العام من وجه حيث وقع وإنما يلزم أن يكون المقسم إلى المقسم إلى الشيء صادقا على ذلك الشيء مطلقا إذا كان التقسيم في الأعم والأخص مطلقا.

"والمعتزلة قالوا ما ليس للقادر عليه العالم بحاله أن يفعله وما له أن يفعله وربما قالوا الواقع على صفة توجب الذم والمدح فالحسن بتفسيرهم الأخير أخص".

يعني أن المعتزلة قالوا إن القبيح ما ليس للقادر عليه للعالم بحاله أن يفعله والحسن ما للقادر عليه العالم بحاله أن يفعله هذا تفسيرهم الأول والإمام نقله عن أبي الحسين١ واعترض عليه بأن قولك ليس له أن تفعله تقال للعاجز عن الفعل للقادر عليه إذا منع منه وإذا كان شديد النفرة وإذا زجره الشرع عنه والأولان غير مرادين ولا الثالث لأن الفعل قد يكون حسنا مع النفرة الطبيعية عنه والرابع يصير القبيح مفسرا بالمنع الشرعي يعني وهو قولنا وأنتم لا تقولون به فصار الحد غير كاشف عن مرادكم وأصل هذا أن صفة الحسن والقبح عندهم بالعقل وعندنا بالشرع فلا بد لهم من بيانها وذكر الإمام تفسيرهم الأخير أيضا عن أبي الحسين واعترض عليه بأنه يجب تفسير الاستحقاق فقد


١ هو: محمد بن علي الطيب، القاضي أبو الحسن البصري، شيخ المعتزلة، ولد بالبصرة وسكن بغداد، من مؤلفاته في علم الأصول "المعتمد" شرح "العمد" للقاضي عبد الجبار.
توفي سنة ٤٢٦هـ وفيات الأعيان ١/٦٠٩- شذرات الذهب ٣/٢٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>