للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: أن الزنا قبل الجعل لم يكن مؤثرا فإن بقي بعد الجعل كما كان وجب ألا يصير مؤثرا وإن لم يبق كان إعداما لتلك الحقيقة والشيء بعد عدمه لا يكون مؤثرا.

الثالث: أنه لو جعل الزنا علة فالصادر بعد الجعل إما الحكم فالمؤثر في الحكم هو الشارع فلم يكن الزنا مؤثرا وإما شيء يوجب الحكم فيكون المؤثر في الحكم وصفا حقيقيا وهو قول المعتزلة في الحسن والقبح وهو باطل وإن لم يكن الحكم ولا ما يوجبه فهو محال لأن الشرع لما أثر في شيء غير الحكم وغير مستلزم للحكم لم يكن لذلك الشيء تعلق بالحكم أصلا والمصنف اقتصر على الأول وأخذ أقسام الثالث لأنها صفوة الكلام قال سراج الدين١ "ولقائل أن يقول على الأول لعلهم أرادوا جعل الزنا سببا لتعلق الحكم به وعلى الثاني أنه يجوز بقاء الحقيقة مع طريان صفة المؤثرية به وعلى الثالث أن الصادر من الشارع وهي غيرهما ولهما تعلق بالحكم" ولك أن تقول على الأول إن التعلق قديم فالسؤال بحاله وعلى الثاني إن المؤثرية نسبة والمؤثر لا بد أن يشتمل على صفة حقيقية لأجلها يصدر الأثر عنه والمؤثرية بدون ذلك محال وعلى الثالث أن المؤثرية بدون صفة حقيقية محال لما سبق ومعها يوافق قول المعتزلة وكلام الإمام يرشد إلى هذا فإنه قال إن كان الصادر ما يوجب الحكم كان المؤثر في الحكم وصفا حقيقيا فدخل في قوله ما يوجب الحكم المؤثر والمؤثرية ولذلك لم يقل كان وصفا حقيقيا بل قال كان المؤثر في الحكم فأخذ الإمام على التقديرين وقال إنه هل يعقل تأثير من غير أن يكون المؤثر مؤثرا بذاته أو بصفة قائمة أو لا يعقل ذلك وعلى هذا ينبني كون العبد موجدا لفعل نفسه باقدار الله تعالى له وخلقه له ما يقتضي تأثيره في الفعل من غير أن يكون العبد مؤثرا بذاته وبصفة ذاتية فأصحابنا ينكرون ذلك ويقولون


١ هو محمود بن أبي بكر الأرموي المتوفى سنة ٦٨٢هـ اختصر كتاب "المحصول" للإمام الرازي في كتاب سماه "التحصيل" وعلى هذا الكتاب شرح للإمام محمد بن يوسف الجزري المتوفى سنة ٧١١هـ لكنه مفقود لم أعثر عليه بعد البحث الطويل.
معجم المطبوعات ص٩١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>