للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت أجاب القرافي بأن الآية إذا دلت على جواز التأخير عن وقت الخطاب دلت على جواز التأخير عن وقت الخطاب لأن كل من قال بجواز الأول قال بجواز الثاني من غير عكس.

ولأنه إذا ثبت في الأول ثبت في الثاني بطريق أولى وأما قول القرافي هنا انا لم نقل بما تقتضيه الآية بل قلنا به وهذا الصحيح من مذهبنا بناء على تجويز بما لا يطاق فضعيف لأنه عندنا غير واقع الكلام إنما هو في هذا الواقع.

والثاني: إنما ذكرتم وان دل على ان البقرة كانت معينة لكن عندنا ما يدل على أنها لم تكن معينة وبسببه يمنع كونها معينة وهو أنها لو كانت معينة لما عنفهم على السؤال عنها لكنه عنفهم بقوله فذبحوها وما كادوا يفعلون ومما يدل على أنها لم تكن معينة ما سلف من كلام ابن عباس وهو قوله شددوا فشدد الله عليهم.

وأجاب المصنف بأنا لا نسلم انه عنفهم على السؤال وإنما عنفهم على التواني أي التقصير بعد البيان هذا هو الأقرب.

واحتمال كون التعنيف على السؤال بعيد لأنه لو وجب المعينة بعد إيجاب خلافه لكان نسخا قبل الفعل وهو لا يجوز عند الخصم.

قوله: {وَأَنَّهُ تَعَالَى} هو معطوف على قوله وخصوصا ان المراد تقديره ولنا خصوصا في النكرة كذا وفي جواز تأخير بيان التخصيص انه تعالى انزل وتقريره إن الله تعالى لما أنزل قوله: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} قال عبد الله الزبعري١ قد عبدت الملائكة وعبد عيسى وليس هؤلاء من حصب جهنم فتأخر بيان ذلك حتى نزل.

قوله: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} ٢فإن


١ هو أبو سعيد عبد الله بن الزبعري بن قيس السهمي القرشي شاعر قريش في الجاهلية. كان شديدا على المسلمين إلى أن فتحت مكة فهرب إلى نجران. فقال فيه حسان بن ثابت أبياتا. فلما بلغته عاد إلى مكة وأسلم توفي نحو سنة ١٥هـ الأغاني ١/١٤, الأعلام ٢/٥٥٦.
٢ سورة الانبياء آية ١٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>