للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الحال يكون قد أغوانا بأن نعتقد انه قصد إفهامنا في الحال فيكون قصد ان نجهل لأن من خاطب قوما بلغتهم فقد أغواهم بأن يعتقدوا فيه انه يعني ما يفهمونه منه فثبت بطلانه.

وإما ان يقصد وحينئذ فإما ان يريد ان نفهم ان المراد ظاهره فقد أراد منا الجهل وهو باطل أو غير مظاهره فقد أراد ما لا سبيل إليه وهو تكليف بالمحال وهذا التقرير على هذا الوجه هو الذي أورده الإمام وهو الصواب فاعتمده.

وأجاب المصنف بأنا لا نسلم ان ذلك ممتنع وقد ورد ما أوجب ظاهره الظنون الكاذبة فدل على الجواز أما وروده فكثير قال الله تعالى: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} ١ وقال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ٢ وقال: {وَجَاءَ رَبُّكَ} فلو صح ما ذكرتم لزم ان يكون هذه الخطابات للإغواء لأنه أطلق وأراد خلاف الظاهر ومن ها هنا عميت بصائر الحشوية وصمموا على فساد عقد لو نشر الواحد منهم بالمباشر لم يكن ولم يرجع وهو معتقد لا يعود وباله الا عليه ولا يرجع نكاله الا إليه ولقائل ان يقول هذه الأشياء يحتويها براهين عقلية ترشد الى الصواب بخلاف تأخير البيان.

وأعلم أن ظاهر ايراد المصنف يفهم ان هذا الدليل الذي أجاب عنه دليل للمانع مطلقا وعلى ذلك قرره العبري والجار بردي وليس كذلك بل هو حجة أبي الحسين كما قلناه وبه صرح الإمام وكيف يتجه أن يكون حجة للمانع مطلقا والمشترك ليس فيه إيقاع في الجهل فإن نسبته عند عدم القرينة الى كل معانيه على السوية وقد تنبه الاسفرايني لهذا وذكر ما أوردناه واحتج من منع تأخير البيان عن وقت الخطاب مطلقا بأنه كالخطاب بلغة لا نفهم مثل خطابك العربي باللغة الزنجية والخطاب بلغة لا تفهم ممنوع.

والجامع بينهما كون كل واحد منهما لا يفيد المقصود حالة الخطاب.

وأجاب في الكتاب بالفرق وهو ان الخطاب بما لا يفهمه المخاطب لا يفيد


١ سورة الفتح آية ١٠.
٢ سورة طه آية ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>