للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر القاضي في مختصر التقريب مع قوله تعالى ما ننسخ وان أبدلنا آية مكان آية وهذه الآية سالمة عن النظر الذي ذكره الإمام لأن إذا تدخل الإعلى المحقق وقوعه وذكر أيضا قوله تعالى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} ١ وقال لهم على هذه الآيات أسئلة وتمويهات يسهل مدركها قلت ومن التمويهات في ذلك قول قائلهم اليهود لا تعتقد بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم فالاستدلال عليهم بذلك الاستدلال على الخصم بدليل لا يسلم مقدماته وهذا ساقط فان الخصم إنما لا يعترض عليه بما لا يعتقده إذا كان شبهة فيه واما ما لبس فيه كمشكك بل هو ثبات بثبوت المحسوسات بل يلتفت إلى عدم اعتقاده فيه.

والثالث: مما يدل على وقوع النسخ انه ورد في التوراة ان آدم عليه السلام كان مأمورا بتزويج بناته من بنيه وهو الآن محرم بالنسخ الا ذلك فإن قلت يجوز ان يكون هذا شرع لبني آدم أي غاية معلومة وهي ظهور شريعة أخرى ومثل هذا لا يكون نسخا قلت أمر آدم كان مطلقا وتقييده في علم الله لا ينافي النسخ فانه تعالى ان أمر بالفعل مطلقا فهو عالم بأنه سينسخه والوقت الذي فيه بنسخه فتقييده في علم الله تعالى لا يخرجه عن حقيقة النسخ ولقائل ان يقول تحريم ذلك في حقنا إنما يكون نسخا ان لو ثبتت الإباحة قبل ذلك وهي لم تثبت الا في حق بني آدم لصلبه وثبوتها في حق أولئك لا يوجب ثبوتها في حقنا وهي لم ترفع في حق أولئك فأين النسخ.

قال قيل الفعل الواحد لا يحسن ويقبح قلنا مبنى فاسد ومع هذا فيحتمل ان يحسن لواحد أو في وقت ويقبح لآخر أو في آخر احتج مانعو النسخ بأن الأمر بالشيء يقتضي حسنه والنهي عنه يقتضى قبحه فيلزم من وقوع النسخ اجتماع الضدين اعني الحسن والقبح وهو محال.

أجاب أن هذا مبني على فاسد وهو قاعدة التحسن والتقبيح ومع هذا أي ولو سلمنا صحة تلك القاعدة فيحتمل ان يحسن لواحد ويقبح لآخر أو يحسن له


١ سورة النساء آية ١٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>