أكبر مشقة واستدل الخصم على منعها أعني النسخ بلا بدل والنسخ ببدل أثقل بقوله تعالى:{نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} فدل على أنه لا بد أن يأتي بالبدل وهو المدعي أولا وعلى ان البدل منحصر في الأول والمساوي وهو المدعي ثانيا وأجاب بأن عدم الحكم قد يكون خير للمكلف منه في ذلك الوقت واعترض الهندي على هذا بان العدم الصرف لا يوصف بقوله نأت لأن ما أتى به فهو شيء وهو صحيح الا ان نقول النسخ يزيل الحكم ويعيد الامر الى ما كان عليه فكان مشتملا على الإتيان بالحكم الذي كان من قبل ومن هذا يظهر انه أتى بشيء.
وهذا إنما استفاد من كلام الصيرفي والأصل فيه كلام الشافعي رضي الله عنه وهذا تقرير الجواب عنهم قولهم لا يكون النسخ الا ببدل والقاضي في مختصر التقريب قال الجواب عن هذه الآية هذا إخبار عن أن النسخ يقع على هذا الوجه وليس فيه ما يدل على انه لا يجوز وقوع النسخ على غير هذا الوجه.
قال هذا واضح عند التأمل.
قلت: وهذا من القاضي يفهم ان محل الخلاف في الجواز وانه يسلم ان النسخ لا يقع إلا على هذا الوجه وهذا ما اقتضاه كلام الآمدي في آخر المسالة إذ قال ان سلم امتناع وقوع ذلك شرعا لكنه لا يدل على عدم الجواز العقلي وقد قدمنا ان الاستدلال بآية النجوى يدل على ان الخلاف في الوقوع ايضا وبذلك صرح الهندي إذ قال الآية وان لم تدل الا على عدم الوقوع فذلك كاف لأنه إذا ثبت عدم الوقوع ثبت عدم الجواز لأن كل من يقول بالجواز قال بالوقوع فالقول بعدم الوقوع من الجواز قول لم يقل به أحد والأظهر ان ما قال بالجواز قال بالوقوع كما ذكره الهندي وكلام الآمدي إنما هو على سبيل النزل إذ صدر المسالة بالجواز وقد صرح الآمدي بدليلين وقال احدهما يدل على الجواز العقلي والثاني على الجواز الشرعي وكلام القاضي ليس بالصريح في ذلك ان قال بعد ذلك أو يقول يعني في الجواز.
قوله ما ننسخ من آية يحمل على بعض الأحكام دون بعض قال ويقوى ذلك على منع صيغ العموم قلت ومن هنا يؤخذ من كلام القاضي أن النكرة في