للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو الحكم بهام أمر عقلي وقال في المنتهى "القول بأن الحكم بالصحة والبطلان حكم شرعي بعيد" وحجته أن الموافقة أمر عقلي وقد فسرنا الصحة بها وأورد عليه أن العقلي ما لا مدخل للشرع فيه وهذا للشرع فيه مدخل فتسميته شرعيا غير بعيد وفهم بعض من شرح كتابه أنه لا يطرد قوله في صحة العقود لأن ترتب الأثر شرعي ولا يبعد طرده لأن الصحة ليست ترتب الأثر بل كونه بحيث يترتب الأثر عليه ومعنى ذلك وقوعه على وجه مخصوص وذلك أمر عقلي لكن تسميته شرعيا باعتبار أن للشرع مدخلا كما قلنا في العبادات.

وأعلم أن الإمام وأتباعه ومنهم المصنف أنكروا كون الصحة حكما زائدا على الاقتضاء والتخيير وأنكروا الحكم بالسببية كما سبق في الموضعين فلم يبق للصحة معنى عندهم في العقود إلا إباحة الانتفاع وهو شرعي ومن يفسر الصحة بكونه مبيحا للانتفاع يلزمه أن يوافق الغزالي في الحكم بالسببية أو يقول إنها عقلية وحكم القاضي مثلا بصحة عقد إنما يصح إذا قصد المعنى الشرعي لأنه الذي يثبته القاضي بخلاف الأمر العقلي وليس للقاضي أن يحكم إلا بما يصح أن يكون حكما من الشارع من اقتضاء أو تخيير أو خطاب وضع إن قلنا به وإذا جعلت الصحة عقلية لم يكن للقاضي الحكم بها بل بأثر الصحيح.

"وأبو حنيفة ما لم يشرع بأصله ووصفه كبيع الملاقيح باطلا وما شرع بأصله دون وصفه كالزنا فاسدا"

عند الحنفية إن كان العوضان غير قابلين للبيع كبيع الملاقيح بالدم مثلا فهو باطل قطعا وكذا إن كان المبيع وحده كبيع الملاقيح بالدراهم على الصحيح عندهم وإن كانا قابلين للبيع ولكن جاء الخلل من أمر آخر كبيع درهم بدرهمين كل من العوضين قابل للبيع والخلل من الزيادة فهو فاسد قطعا وكذا إن كان الثمن فقط كبيع ثوب بدم على الصحيح عندهم والفاسد عندهم إذا اتصل بالقبض يفيد الملك الخبيث والباطل لا يفيد شيئا وعندنا الباطل والفاسد سواء في المعنى والحكم ولا يفيد شيء منهما الملك.

<<  <  ج: ص:  >  >>