للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دليله في الاول أي دليل الشافعي في امتناع نسخ الكتاب بالسنة قوله تعالى: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} وقد استدل بها الشافعي رحمه الله في الرسالة ويمكن تقرير وجه الدلالة منها بطريقين.

أحدهما: أنه تعالى اسند للأنبياء بالخبر أو المثل الى نفسه وانما يكون ذلك إذا كان الناسخ القرآن.

والثاني: أنه تعالى قال نأت بالخبر أو المثل والسنة ليست خيرا من الكتاب ولا مثله فدل على ان الإتيان إنما هو بالقرآن.

والجواب ان السنة منزلة إذ هي حاصلة بالوحي كقوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} فالآتي بها هو الله واما الخبر أو المثل فالمراد بهما الأكثر ثوابا والمساوي ودليل الشافعي فيهما اي في نسخ الكتاب بالسنة وفي عكسه قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ} ١ فإما نسخ الكتاب بالسنة فلأن الآية دلت على ان السنة تبين جميع القرآن بدليل قوله: {مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} فلو كانت ناسخة كانت رافعة لا مبينة.

وأما نسخ السنة بالكتاب فلأنها تدل على ان السنة تبين القرآن فلو كان القرآن ناسخا بالسنة لكان القرآن بيانا للسنة فيلزم كون كل واحد منهما بيانا للآخر أجيب عن الأول بأن النسخ لا ينافي البيان بل هو عينه بناء على بيان انتهاء الحكم وعن الثاني بقوله تعالى في صفة القرآن تبيانا لكل شيء فإنه يقتضي ان يكون الكتاب تبيانا للسنة كما في قوله لتبين يقتضي أن تكون السنة مبينة للكتاب فلما تعارض مقتضاهما لم يكن الاستدلال بواحد منهما ارجح من عكسه وفي الاستدلال بقوله لتبين على المقامين معا نظر آخر لأن البيان ان لم يكن مغايرا للنسخ لم يتجه الاستدلال به على امتناع نسخ الكتاب بالسنة وإن كان مغايرا لم يتجه ان يستدل به على العكس وأورد القرافي عل الشافعي بأن قوله تعالى: {مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} عام في الكتاب وفي السنة لأن السنة منزلة ايضا فقد يفهم ان الآية انه عليه السلام يبين القرآن والسنة بغيرهما وهو خلاف الإجماع.


١ سةرة النحل آية ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>