من شرط المنسوخ من الكتاب والسنة المتواترة ان يكون عاما وناسخه من خبر الواحد خاصا حتى يتأتى ما ذكر بل قد يكون عامين أو خاصين والمنسوخ خاصا والناسخ عاما على رأي من يرى ان العام المتأخر ينسخ الخاص المتقدم.
وإذالم يتأت ما ذكر من المنع لزم ترجيح الأضعف على الأقوى فلم يجز النسخ في هذه الصور وإذا لم يجز في هذه الصور ولم يجز في تلك الصورة لعدم القائل بالفصل في ولا تعارض بمثله بان يقال إذا جاز النسخ في تلك الصورة لتساويهما جاز في هذه الصورة لعدم القائل بالفصل لأن إلحاق الفرد بالأكثر أولى ولأن تحقق المفسدة فى صور عديده اشد محذورا من تحققها في صوره واحدة.
وثانيهما: النقض يجوزان تخصيصهما به ولقائل ان يقول التخصيص أهون فلا يلزم من جوازه جواز النسخ وأيضا فالتخصيص لا يلزم منه ترجيح الأضعف على الأقوى لما ذكر من المعنى فلا يلزم النقض واستدل الخضم بقوله تعالى:
{قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً} ١ الآية فإنه يقتضي حصر التحريم فيما ذكر في الآية وقد نسخ ذلك بما روت الأئمة الستة من نهيه صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع فقد نسخ الكتاب بعد هذا الخبر الظني وأجاب في الكتاب بأن الآية إنما دلت على الرسول صلى الله عليه وسلم لم يجد في ذلك الوقت من المحرم الا الأربعة المذكورة في الآية ولذا قال أوحى بلفظ الماضي وبقي ما عداها على الأصل الحل ونهيه صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب وجد بعد ذلك فلا نسخ لأن الآية دلت الحال ولم تتعرض للاستقبال والحديث إنما دل على الاستقبال ولو قدر تناول الآية للاستقبال فالحديث مخصص لعموم ليس غير هذه الاربعة بمجرد وهو عموم المفهوم من حصر التحريم في الاربعة بناء على ان للمفهوم عموما وحينئذ فهو مخصص لا ناسخ.