الذي يطلع عليه المجتهد بعد ذلك لا بدوران يكون كان موجودا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ضرورة ان النصوص لا تنشا بعده ولكنه كان قد خفى عليه فإذا بان له تبين إذ ذاك ان حكم القياس مرتفع من اصله وليس هو من النسخ في شيء لا في اللفظ ولا في المعنى سواء قيل كل مجتهد مصيب أم لم يقل بذلك.
والثالث: ان بناء ذلك على ان كل مجتهد مصيب ان صح لم يختص بما بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم.
والرابع: أنه نقل الاجماع على بطلان الاقسام الثلاثة الأول وليس يجيد لما نقله جماعة من تجويز نسخ الكتاب بالسنة وبالقياس عن طائفة.
والخامس: في قوله ان قلنا المصيب واحد لم يكن القياس الأول متعبدا به قلنا لا نسلم فإن المصيب وان اتحد فقد انعقد الاجماع على انه يجب على كل مجتهد ان يعمل به ومن قلده بما اداه إليه اجتهاده من قياس أو غيره وإن كان قد اخطأ الحكم المقرر في نفس الأمل كما يقول فيمن اجتهد ثم اخطأ الكعبة يجب ان يصلي الى الجهة التي استقبلها وان كانت خطأ في نفس الأمر واعلم ان الإمام لم يخترع هذا التفصيل بل سبقه إليه أبو الحسين في المعتمد.
وقال الآمدي العلة الجامعة في القياس ان كانت منصوصة فهي في معنى النص ويمكن نسخه بنص أو قياس في معناه لو ذهب إليه ذاهب بعد النبي صلى الله عليه وسلم لعدم اطلاعه على ناسخه بعد البحث فانه وان وجب عليه اتباع ما ظنه فوقع حكمه في حقه بعد اطلاعه على الناسخ لا يكون نسخا متجددا بل يتبين انه كان منسوخا وان كانت مستنبطة فحكمها في حقه غير ثابت بالخطاب فرفعه في حقه عند الظفر بدليل يعارضه ويترجح عليه لا يكون نسخا لكونه ليس بخطاب لأن النسخ هو الخطاب.
أما النسخ بالقياس فاختار فيه انه يصح ان كانت العلة منصوصة وإلا فإن كان القياس قطعيا كقياس الامة على العبد في السراية فانه وان كان مقدما لكن ليس نسخا لكونه ليس بخطاب والنسخ عنده هو الخطاب وان كان ظنيا بان تكون العلة مستنبطة فلا يكون نسخا.