للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتج القائل بالوجوب بالنص والإجماع أما النصف ففي مواضع.

أحدها: قوله تعالى: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ} ١ وظاهر الأمر الوجوب.

وثانيها: قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} دلت على أن محبة الله تعالى التي هي واجبة إجماعا مستلزما لمتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم ولازم الواجب واجب فمتابعته واجبة.

وثالثها: قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} ٢ فإذا فعل فقد أتانا بفعل فوجب علينا أن نأخذه وأما الإجماع فإن الصحابة رضي الله عنهم اختلفوا في وجوب الغسل من التقاء الختانين فقالت عائشة رضي الله عنها: "إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل فعلته انا ورسول الله صلى الله عليه وسلم: فاغتسلنا" رواه الإمام احمد والترمذي وقال حسن صحيح٣ فرجعوا لقول عائشة واتفقوا على وجوب الغسل بالتقاء الختانين.

والجواب عن الدليلين الأولين بان المتابعة هي الإتيان بمثل فعله عل الوجه الذي اتى به من الندب أو غيره حتى لو فعله على جهة الوجوب ففعلناه على جهة الندب لم تحصل المتابعة.

وحينئذ فيلزم توقف الامر بالمتابعة على معرفة الجهة وإذا لم نعلم بها لم نؤمر بالمتابعة واعلم ان المتابعة والتأسي بمعنى واحد فلذلك جعل المصنف جواب المتابعة جوابا على التأسي الذي احتج به الذاهب إلى الندب كما عرفت.

وللمتابعة والتأسي شرط آخر مع ما ذكر وهو أن يقع الفعل لكونه فعل ومن هنا يغايران الموافقة فانه لا يشترط فيها ان تكون علة إياه كونه فعله وعن


١ سورة الأعراف ١٥٨.
٢ سورة الحشر آية ٧.
٣ كما رواه البخاري, كتاب الغسل باب التقاء الختانان وابن ماجة, كتاب الطهارة, باب ماجاء في وجوب الغسل إذا التقى الختانان ورواية أحمد ومسلم " إذا قعد بين شعبها الأربع ثم مس الختان الختان فقد وجب الغسل".
وانظر نيل الأوطار ١/١٦٠- ١٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>