للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما نحن فيرتفع عنا التكليف به ثم ان ورد ذلك قبل صدور الفعل منا كان مخصصا مبينا لعدم الوجوب وهذا يتجه ان يكون بناء على انه يجوز التخصيص في اللفظ العام الى ان يبقى واحد وان ورد بعد صدور الفعل كان ناسخا لفعلنا المتقدم ولا يكون تخصيصا لإستلزامه تأخير البيان عن وقت الحاجة.

واعلم ان هذا التفصيل إنما يأتي إذا كانت دلالة الدليل الدال على وجوب اتباع الفعل ظاهرة كالإتيان بلفظ عام مثل هذا الفعل واجب على المكلفين ان قلنا المخاطب داخل في عموم خطابه أو علينا معاشر الناس واما إذا كانت قطعية فلا يمكن حمل القول المتأخر على التخصيص أصلا بل يتعين حمله على النسخ مطلقا ثم هذا كله فيما إذا كان الفعل المتقدم بما يجب علينا اتباعه كما عرفت واما ان لم يكن كذلك فلا تعارض بالنسبة إلينا لعدم تعلق الحكم بنا.

وأما بالنسبة إليه صلى الله عليه وسلم فإن الدليل على وجوب تكرر الفعل وكان القول المتأخر خاصا به أو متناولا له بطريق النص فيكون القول ناسخا للفعل وان كان بطريق الظهور فيكون الفعل السابق مخصصا لهذا العموم لأن المخصص عندنا لا يشترط تأخره عن العام.

ولم يذكر المصنف ذلك لظهور قوله فإن جهل هذا هو الحال الثالث وهو ان يكون المتأخر منهما اعني من القول والفعل مجهولا فان أمكن الجمع بينهما بالتخصيص أو غيره جمع لأن الجمع ما بين الدليلين ولو من وجه أولى من خلافه وان لم يكن الجمع بوجه ما وفيه تكلم المصنف ففيه مذاهب.

أحدها: ان الأخذ بالقول لأنه مستقل بالدلالة موضوع لها بخلاف الفعل فإنه لم يوضع لها وإن دل فإنما يدل بواسطة القول فيقلد القول لاستلزامه وهذا ما جزم به الإمام وأتباعه واختاره الآمدي.

والثاني: أنه يقدم الفعل لأنه أوضح الدلالة ألا ترى أنه يبين به القول كالصلاة والحج.

والثالث: الوقوف الى ظهور التاريخ لتساويهما في الدلالة واختار ابن الحاجب قولا رابعا من هذه الثلاثة وهو الوقف بالنسبة إليه صلى الله عليه وسلم والقول بالنسبة

<<  <  ج: ص:  >  >>