شاكر وبكر انا داع وهلم جرا فانا نقطع بأنه لا بد فيه من الصدق وانه ليس كذبا ولكنا نجهل الصحيح منه كما انا لا نشك في ان بعض المروي عنه صلى الله عليه وسلم صدق وان جهل عينه ولا يتوهمن المتوهم ان هذا هو التواتر الآتي ان شاء الله تعالى في آخر الفصل.
وذلك لأن الجمع الذي يستحيل تواطؤهم على الكذب إذا اخبروا فتارة يتفقون في اللفظ وهو المتواتر وتارة يختلفون في اللفظ والمعنى مع وجود معنى كان فيما اخبروا به وقع عليه اتفاق كما إذا اخبر واحد عن حاتم انه اعطى دينارا وآخر انه اعطى جملا وآخر فرسا وهلم جرا فان المخبرين وان اختلفوا في اللفظ والمعنى فقد اتفقوا على معنى كلي وهو الاعطاء.
وهذا هو التواتر المعنوي وتارة تتغاير الالفاظ والمعاني ولا يقع الاتفاق على معنى كلي ولا جزئي بل كل أحد يخبر عن شان نفسه بخبر يغاير ما اخبر به الآخر وهم جمع عظيم تقتضي العادة بأنه لا بد فيهم من صادق في مقاله وهذا هو القسم الذي يتكلم فيه.
فالثابت في المتواتر ذلك الشيء اخبر به أهل المتواتر وفي المعنوي القدر المشترك وهو كل أمر وقع الاتفاق عليه ضمنا وفي هذا القسم أمر جزئي لم يتفقوا عليه.
السادس: الخبر المحفوف بالقرائن ذهب النظام وإمام الحرمين والغزالي والامام واتباعه منهم المصنف والآمدي وابن الحاجب انه يفيد العلم وهو المختار وذهب الباقون الى انه لا يفيد.
واحتج الأولون بان الإنسان إذا سمع ان السلطان غضب على وزيره وأهانه ثم رأى الوزير خارجا من باب داره على وجهه الذلة والانكسار والخوف باد على أعطافه والوجل يلوح من حركاته وسكناته وحواليه الأعوان كالمرسمين عليه وكلامهم له كلام النظير بعد ان كانوا خدما بين يديه وهم ذاهبون به نحو حبس السلطان وعدوه يتصرف فيما كان يتصرف فيه فإنه يقطع بصدق ما سمعه لا يداخله في ذلك شك ولا ريب.