للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي حديث أبي بردة "يجزئ عنك" ١ ضبطه ابن الأثير بالوجهين بضم الياء مع الهمزة وفتحها مع الياء يقال: أجزأ بمعنى كفى وجزا بمعنى قضى ولا توصف المعاملات بالأجزاء وإنما يوصف به ما كان مأمورا به فالصحة أعم محلا منه لأنها تكون في المعاملات والعبادات ولا يوصف بها أيضا إلا ما يحتمل وجهين أن يقع صحيحا وفاسدا كالصلاة والعقود فإنها إن وقعت مستجمعة الأركان والشروط كانت صحيحة وإن وقعت على غير ذلك الوجه كانت فاسدة بخلاف المعرفة ليس لها إلا وجه واحد وهو إذا جعلنا اسم الصلاة موضوعا للصحيح والفساد ظاهر وأما إذا قلنا هو موضوع للصحيح فقط ولا يطلق على الفاسد إلا مجازا فإنه لا يكون لها إلا وجه واحد فكأنهم نظروا إلى المعنى الأعم الموجب للإطلاق المجازي وجعلوه مورد التقسيم إلى الصحيح وغيره ولا يرد هذا السؤال في الإجزاء لإنقسام الصحيح إلى مجزئ وغير مجزئ كصلاة المتيمم في الحضر ونحوه.

وعند أبي حنيفة كل صلاة وجب قضاؤها لا يجب أداؤها وكل صلاة يجب أداؤها لا يجب قضاؤها فيستوي عنده الصحة والإجزاء فيكون انقسام العبادة إليها بالإعتبار الآخر.


١ ولفظ الحديث- كما رواه أبو داود- عن أبي بردة بن نيار أنه قال يا رسول الله: إن عندي عناقاً جذعاً هي خير من شاتي لحم، فقال صلى الله عليه وسلم: "تجزئك ولا تجزيء عن أحد بعدك".
فقد أفاد هذا الحديث أن العناق وهي: الأنثى من أولاد المعز والغنم من حين الولادة إلى تمام الحول، لا تجزيء في الأضحية، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم، بين في هذا الحديث أنها تجزيء عن أبي بردة وحده، لخصوصية قد لا توجد في غيره، ومن هنا نص علماء الأصول على أن هذا الحكم مقصور على من قيل في حقه الحديث المتقدم. اهـ. محققة.

<<  <  ج: ص:  >  >>