قال القاضي فيقول كذلك لانزال ننقل مذهب السمنية ولم نر حزبا وفئة يكثر بهم.
واعترض الخصم بأنا نجد التفاوت بين خبر التواتر وغيره من المحسوسات والبديهات كقولنا الواحد نصف الاثنين وقيام التفاوت دليل احتمال يخرج عن كونه يقينيا.
والجواب ان سبب التفاوت الحاصل كثرة استعمال بعض القضايا وتصور طرفها بخلاف غيرها فلهذا يستأنس العقل ببعضها دون بعض وهذا الجواب مبنى على ان العلوم لا تتفاوت والذي اختاره كثيرون خلافه.
قال الثانية إذا تواتر الخبر أفاد العلم ولا حاجة الى نظر خلافا لامام الحرمين والحجة والكعبي والبصري وتوقف المرتضى أما لو كان نظريا لم يحصل لمن لا يتأتى له كالبله والصبيان قيل يتوقف على العلم بامتناع تواطئهم على الكذب وان لا داعي لهم الى الكذب قلنا حاصل بقوة قريبة من الفعل فلا حاجة الى نظر.
الجمهور على انه إذا تواتر الخبر أفاد العلم ولا حاجة معه الى كسب وهو رأي الإمام واتباعه منهم المصنف واختاره ابن الحاجب وذهب أبو القاسم الكعبي من المعتزلة.
وقال الشيخ أبو اسحاق الشيرازي هنا أنه البلخي وكناه أبا مسلم الى انه كسبي ووافقه ابو بكر الدقاق وأبو الحسين ونقله المصنف تبعا للإمام عن حجة الاسلام الغزالي وفيه نظر فالذي نص عليه في المستصفى ان تحقيق القول فيه انه ضروري بمعنى انه لا يحتاج في حصوله الى الشعور بتوسط واسطة مفضية إليه مع ان الواسطة حاضرة في الذهن وليس ضروريا بمعنى انه حاصل من غير واسطة كقولنا القديم لا يكون محدثا والموجود لا يكون معدوما فانه لا بد فيه من حصول مقدمتين في النفس عدم اجتماع هذا الجمع على الكذب واتفاقهم على الاخبار عن هذه الواقعة وهذا الذي ذكره الغزالي هو الحق وهو الذي اختاره الإمام واتباعه.