ضابط الخبر المتواتر إفادة العلم فمتى اخبر هذا الجمع وأفاد خبرهم العلم علمنا انه متواتر ومتى لم يفد تبين لنا انه غير متواتر أما لفقدان شرط من شروط المتواتر أو لوجود مانع وعند هذا يظهر انه يتعذر الاستدلال بالتواتر على من لم يعترف بحصول العلم له ضرورة أنه لا مرجع في حصول شرائطه الا حصول العلم به فمن لم يحصل له العلم لا يمكن الاستدلال به عليه ومن قال لم يحصل لي العلم لا يقال له بل حصل لك العلم وشروط المتواتر أربعة.
أحدها: ان يكون السامع له غير عالم بمدلوله ضرورة لأن تحصيل الحاصل منزل في الاستحالة منزلة تحصيل الممتنع ونحن نضرب لذلك مثالا قائلين ذو العلم بأن النفي والإثبات لا يجتمعان ولا يرتفعان لو اخبر بذلك لم يزدد علما ولم يستفد الثاني.
الثاني: ان لا يكون السامع معتقدا خلافه إما لشبهة دليل أو تقليد امام ان كان عاميا وهذا الشرط اعتبره الشريف المرتضى واختاره المصنف واحتج الشريف على اشتراطه بأن حصول العلم عقيب التواتر إنما هو بالعادة لا بطريق التقليد فإنه ربما يتوهم حينئذ انه لا مدخل لما ذكر من الشرط حتى يختلف فعله بحسب اختلافه فجاز ان يختلف ذلك باختلاف أحوال المسلمين فيحصل للسامع إذا لم يكن قد اعتقد نقيض ذلك ولا يحصل له إذا اعتقد نقيضه ثم أورد على نفسه بإنه يلزمكم على هذا أن يجوزوا.
واصدق من أخبركم بأنه لم يعلم وجود البلدان الكبيرة والحوادث العظام بالأخبار المتواترة لأجل تقليد أو شبهة اعتقدها في نفي تلك الأشياء وأجاب عنه بأنه لا داعي يدعو العقلاء الى سبق اعتقاد نفي هذه الأمور ولا شبهة في نفي تلك الأشياء والتقليد لابد وأن ينتهي إلى ما ليس بتقليد دفعا للتسلسل والدور فلا يتصور فيه اعتقاد نفي موجب الخبر فلا جرم انه لا يجوز صدقه وهذا باطل بانا قد نجد أنفسنا جازمة بما اخبر به أهل التواتر وإن سبق لنا اعتقاد نفي موجبه.
واعلم ان الشريف رام بهذا الاشتراط مراما بعيدا فانه اتخذ ذلك ذريعة الى معتقده فقال وهذا كما انه النص الدال على إمامة علي رضي الله عنه متواترا ثم