دل على ذلك قرينة كإنقاذ الغريق ونحو ذلك وإلا فإن المقصود من هذا كله إنما هو الفعل من غير تعرض إلى الزمان والقسم الأول قصد فيه الفعل والزمان إما لمصلحة اقتضت تعيين ذلك الزمان وإما تعبدا محضا والقسم الثاني ليس فيه إلا قصد الفعل فالقسم الثاني لا يوصف فعله بأداء ولا قضاء لأنهما فرعا الوقت ولا وقت له وينبغي أن يوصف بالإعادة إذا تقدم فعل مثله على ما سأبينه.
ومن هذا القسم الإيمان فإنه لا وقت له والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإن كان وقته وقت سببه ولكنه ليس وقتا معينا من حيث هو وإنما هو حضوره وكذا زكاة المال إذا حال الحول كل هذه واجبات فورية غير مؤقتة وكذا الواجبات على التراخي بلا حد وقد أطلق الفقهاء على الحج الأداء متى أوقع حجة الإسلام في عمره والقضاء في صورتين:
أحداهما: إذا قضي عنه بعد موته.
والثانية: إذا حج العبد وأفسد حجه ثم عتق فحج عن حجة الإسلام ثم عن القضاء.
وعندي أن إطلاقهم الأداء والقضاء في ذلك بطريق المجاز فإن الحج من القسم الثاني الذي لم يقصد فيه غير الفعل وإن وسع فيه مدة العمر عندنا أو ضيق وجب فيه الفور عند غيرنا فإن ذلك لا يصير الوقت مقصودا فيه وأما إذا أفسد حجة الإسلام وأمرناه بقضائها فقد صرحوا أن ذلك ليس بقضاء يعنون بل هو أداء معاد.
وإذا عرفت هذا فلنتكلم في مقصودنا وهو القسم الأول مؤقت بوقت معين سواء كان مضيقا كصوم رمضان أو موسعا كالصلاة فإن فعل في وقته فهو أداء سواء فعله مرة أخرى قبل ذلك أم لا هذا هو الذي تختاره وهو مقتضى إطلاقات الفقهاء ومقتضى كلام الأصوليين القاضي أبي بكر في التقريب والإرشاد والغزالي في المستصفى والإمام في المحصول ولكن الإمام لما أطلق ذلك ثم قال إنه إن فعل ذلك ثانيا بعد ذلك سمي إعادة ظن صاحبا الحاصل والتحصيل أن هذا مخصص للإطلاق المتقدم فقيداه وتبعهما