للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لازم لشخصه المعين يمتنع انفكاكه عنه عقلا واما كونه فاسقا فهو وصف عرضي يطرأ ويزول وان اجتمع في المحل وصفان احدهما لازم والآخر عرضي مفارق وكان كل واحد منهما مستقلا باقتضاء الحكم كان الحكم مضافا الى اللازم لا محالة لأنه كان حاصلا قبل حصول المفارق وموجبا لذلك.

وحين حال العرض المفارق كان ذلك الحكم حاصلا بسبب ذلك اللازم وتحصيل الحاصل مرة اخرى محال فيستحيل اسناد ذلك الحكم الى ذلك المفارق مثاله الميت يستحيل ويستهجن ان يقال لا يكتب لعدم الدواة والقلم عنده لأن الموت لما كان وصفا لازما له الى حين يبعث وكان مستقلا بامتناع صدور الكناية عنه لم يجز تعليل امتناع الكتابة بالوصف العرضي وهو عدم الدواة والقلم.

وإذا أردت اعتبار ذلك مثالا بالجزئيات الفقهية قلت خيار المجلس ثابت لقوله صلى الله عليه وسلم: "المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا" ١ وهو اسم مشتق من معنى الحكم مهما نيط باسم مشتق من معنى كان معللا به فكأنه قيل المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا لكونهما متبايعين.

فإن قال الخصم نحمل الخيار على خيار القبول فإنه اذا صدر الايجاب من البائع ولم يتصل به القبول من المشتري فإن المشتري بالخيار بين ان يقبل وان لا يقبل فكذلك البائع بالخيار بين ان يثبت على الايجاب وان يرجع قلنا له هذا فاسد لأن قبول البيع حق ثابت له بكونه آدميا لا بمقتضى البيع فهو مستفاد بالذات اعني كونه آدميا فلا يجوز ان يستند الى الوصف العرضي وهو البيع.

وأما بيان بطلان التالي فإن الله تعالى علل عدم قبول خبر الفاسق بكونه فاسقا في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} ٢ امر


١ حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي من حديث عبد الله بن عمرو, وابن عمر رضي الله عنهما ولفظه: "المتبايعان بالخيار مالم يتفرقا " إلا أن يكون البيع كان عن خيار فإن كان البيع عن خيار فقد وجب البيع, الفتح الكبير ٣/٢٥٣.
٢ سورة الحجرات آية ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>