واحد من الصغائر إذا غلبت الطاعات وعلى الأول تضر قال ابن الرفعة وقضية كلامه أن مداومة النفوع تضر على الوجهين.
أما على الأول فظاهر.
وأما على الثاني فلأنه في ضمن حكايته قال إن الإكثار من النوع الواحد كالإكثار من الأنواع وحينئذ لا يحسن معه التفصيل نعم يظهر أثرهما فيم إذا أتى بأنواع من الصغائر إن قلنا بالأول لم تضر وإن قلنا بالثاني ضر.
واعلم أن الصغائر كما تصير بالإصرار كبيرة كذلك بعض المباحات تصير بالإصرار صغيرة.
قال الغزالي في أثناء كتاب التوبة من إحياء علوم الدين وهو الكتاب الأول من ربع المنجيات الصغيرة تكبر بالمواظبة كما أن المباح يصير صغيرة بالمواظبة كاللعب بالشطرنج والترنم بالغناء على الدوام وغيره.
فإن قلت: هذا التعريف الذي قدمتموه في العدالة قضيته أن من لم يقدم على كبيرة ولا رذيلة ولم يكن في نفسه ملكة تمنعه عن اقتراف هذين وانما كف عنهما كفا من غير أن يكون في نفسه ملكة تدعوه إلى ذلك لا يكون عدلا فهل في هذا مخالفه لكلام الفقهاء فانهم يقولون إن العدل من لا يقدم على كبيرة ولا يصر على صغيرة فلا يقدم على ما يحرم المروءة وذلك اعم من أن يكون بداعية الملكة النفسية أولا قلت ظاهره المخالفة ولكنا نقول متى حصلت تلك الملكة لم يحصل الاقدام على ما يخل بالعدالة ومتى أقدم علمنا أن الملكة حاصلة فإن الملكة مستقلة بالمنع فمتى حصلت لا بد وأن يحصل الامتناع.
فإن قلت: هل يحرم تعاطي المباحات التي ترد بها الشهادة لاخلالها بالمروءة.
قلت: قد حكى ابن الرفعة أن سمع قاضي القضاة تقي الدين أبي عبد الله محمد بن الحسن بن رزين يقول بعض من لقيه بالشام من المشايخ كان يحكي في ذلك ثلاثة أوجه: