تعالى جمع بين مشاقة الرسول صلى الله عليه وسلم واتباع غير سبيل المؤمنين في الوعيد في قوله:{نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ} فيلزم تحريم اتباع غير سبيل المؤمنين لأنه لو لم يكن محرما لما جمع بينه وبين المحرم الذي هو مشاقة الرسول صلى الله عليه وسلم ان الجمع بين حرام ونقيضه لا يحسن في وعيد ولأجله يستقبح إن زنيت وشربت الماء عاقبتك فدل على حرمة اتباع غير سبيلهم وإذا حرم اتباع غير سبيلهم وجب اتباع سبيلهم لأنه لا يخرج عنهما أي لا واسطة بينهما وإن لزم اتباع سبيلهم ثبت حجية الإجماع لأن سبيل الشخص ما يختار من قول أو فعل واعتقاد.
وقد اعترض الخصم على هذا الدليل بوجوه:
الأول: أنه رتب الوعيد على الكل أي على المجموع فليست متابعة سبيل غير المؤمنين محرمة على الاطلاق بل كونها محرمة مشروطة بمشاقة الرسول صلى الله عليه وسلم وخرج عن هذا مثل ان زنيت وشربت الماء عاقبتك لأن شربت الماء غير محظور لا مطلقا ولا شرط الزنا.
وجوابه أن الوعيد إنما رتب على كل واحد منهما كما ادعيناه وإلا يلزم أن يكون ذكر المخالفة وهو قوله:{وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} لغو لأمرين.
أحدهما: المشاقة مستلزمة لمخالفة سبيل المؤمنين وحينئذ فلا يحتاج إلى المخالفة.
والثاني: أن المشاقة وحدها مستقلة في ترتيب الوعيد واللغو محال في كلام الله عز وجل.
الوجه الثاني: سلمنا ان الآية تقتضي أن المنع من اتباع غير سبيل المؤمنين لا يشترط المشاقة لكن لا بد فيها من شرط آخر وهو تبين الهدى لأنه تعالى شرط في مشاقة الرسول تبين الهدى ثم عطف عليها متابعة غير سبيل المؤمنين فيجب أن يكون تبين الهدى شرطا فيها أيضا لأن ما كان شرطا في المعطوف عليه يجب أن يكون شرطا في المعطوف والألف واللام في الهدى للعموم فيلزم أن لا يحصل التوعد على اتباع غير سبيل المؤمنين إلا عند تبين جميع أنواع الهدى ومن جملة أنواع الهدى دليل الاجماع.