وجوابه أنها تدل على اتباعهم في كل شيء لجواز الاستثناء كما عرفت وقولك يلزم اتباعهم في فعل المباحثات قلنا هب أن هذه صورة خصت لما ذكرت من الضرورة فتبقى حجة فيما عداها ويلزم من قولك إنما يجب إتباعهم فيما صاروا به مؤمنين أن يكون مخالفة سبيل المؤمنين هي المشاقة فانه لا معنى لمشاقة الرسول عليه السلام إلا أن يترك الإيمان فلو حمل على ما ذكرت لزم التكرار.
الوجه السادس: سلمنا خطر إتباع غير سبيلهم لكن لا نسلم وجوب إتباع سبيلهم وقولكم لا واسطة بينهما غير مسلم فبينهما واسطة وهي ترك الاتباع أصلا فلا يتبع لا سبيل غيرهم ولا سبيلهم.
والجواب: إن ترك الاتباع أيضا مطلقا إتباع لغير سبيلهم لأن سبيلهم الأخذ بمقالتهم وترك الأخذ غير سبيلهم فثبت حرمة متابعة غير سبيل المؤمنين ويلزم منه وجوب المتابعة وهو المدعي.
الوجه السابع: سلمنا أنه يجب اتباعهم لكن لا في كل شيء بدليل أنه لا يجب في فعل المباح كالأكل والشرب وقد تقدم هذا لكن في كلام صاحب الكتاب.
والجواب: أنه كقيام الدليل على وجوب متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه كما أخرج منه المباح يخرج من متابعة سبيل المؤمنين أيضا.
الوجه الثامن: الدليل على أنه لا يجب المتابعة في كل الأمور أن إجماعهم إنما يكون عن دليل فسبيلهم ليس إثباته باجماعهم بل بذلك الدليل وهذا واضح فالآخذ بإجماعهم مخالفة لسبيلهم فوجب أن لا يجوز وظهر أنه لا يجب المتابعة في كل الأمور.
والجواب: أنهم لما اثبتوا الحكم بدليل غير الإجماع فقد فعلوا أمرين إثباته بالدليل وتمسكهم بالإجماع والآية لما دلت على وجوب المتابعة في كل الأمور تناولت الصورتين لكن ترك العمل بمقتضاها في إحدى الصورتين لإنعقاد الإجماع على أنه لا يجب علينا الإستدلال بما استدل به أهل الإجماع فبقي العمل بها في الباقي.