للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرخصة وقوله كحل لو قال كإحلال كان أحسن لأن نوع الحكم الإحلال لا الحل وقد عهد له مثل هذا التسمح من تفسير الرخصة بالتيسير فيكون الحل مطابقا بغير تسمح وقوله والقصر والفطر لك أن تعطفهما على حل أي وكالقصر وعلى الميتة أي وكحل القصر وقوله واجبا ومندوبا ومباحا أحوال إما من قوله فرخصة وإما من حل إن لم يعطف عليه وتكون قد استعملته في القدر المشترك بين الثلاثة وإما أن يتعدد صاحب الحال لتعددها فتقدر كحل الميتة للمضطر واجبا والقصر مندوبا والفطر مباحا.

واعلم أن الإيجاب والندب واستواء الطرفين أو رجحان أحدهما أمر زائد على معنى الرخصة لأن معناها التيسير وذلك بحصول الجواز للفعلى أو الترك يرخص في الحرام بالإذن في فعله وفي الواجب بالإذن في تركه وأدلة الوجوب والندب وغيرها تؤخذ من أدلة أخرى ولهذا اقتصر الكتاب العزيز على الجواب في قوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} ١ وقوله: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} ٢ فاقتصر كما نراه على نفي الإثم والجناح ولم يصرح بالإذن فعلنا الجواز برفع الاثم والجناح وإنما يكون القصر مندوبا إذا بلغ سفره ثلاثة أيام وإباحة الفطر قد يكون مع رجحانه إذا كان المسافر يجهده الصوم وقد يكون مع مرجوحيته إذا كان يطيقه ويسهل عليه وقوله وإلا فعزيمة أي وإن ثبت لا على خلاف الدليل أو على خلاف الدليل لكن ليس لعذر على وجه التيسير فعزيمة سواء كان واجبا أو مندوبا أو مباحا أم مكروها أم حراما من جهة أنه يجزم أمره أي قطع وحتم سهل على المكلف أم شق مأخوذ من العزم وهو القصد المصمم والعزيمة مصدر عزم فهي أيضا قسم من أقسام الحكم لا من أقسام الفعل الذي هو متعلقه.

وقول غيره العزيمة ما جاز الإقدام عليه لا مع قيام المانع فيه من التسمح قدمناه


١ سورة البقرة آية ١٧٣.
٢ سورة النساء آية ١٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>