وقد تقدم أن الأكثرين منعوا إنقسام الأمة إلى فرقتين كل فرقة خاطئة في مسألة وقد يقال لا يلزم من الذهاب إلى التفصيل كونه حقا في نفس الأمر بل يكفي أن يكون في ظن المجتهد كذلك وقد سبق هذا.
قال: قيل أجمعوا على الاتحاد قلنا عين الدعوى قيل قال الثوري الجماع ناسيا يفطر الصائم والأكل لا قلنا ليس بدليل.
احتج من منع الفصل مطلقا بأن الأمة إذا قال نصفها بالحرمة في المسألتين وقال النصف الآخر بالحل فيهما فقد اتفقوا على اتحاد الحكم في المسألتين وأنه لا فصل بينهما فيكون الفصل ردا للإجماع.
وجوابه أنه إن عنى بقوله اتفقوا على أنه لا فصل بينهما أنهم نصوا على استوائهما في الحكم وهما مستويان في علة الحكم فليس كذلك لأن النزاع ليس في هذا وان أراد أن ذلك لازمه فليس كذلك لأنه لا يلزم من عدم التعرض لتحريم التفصيل الحكم بتحريمه واتحاد الحكم وهذا عين الدعوى وأول المسألة واحتج من أجاز الفصل مطلقا بأنه وقع الا ترى إلى ذهاب بعض العلماء إلى أن الجماع ناسيا يفطر والأكل ناسيا لا يفطر.
وقال بعضهم لا يفطر واحد منهما ثم فرق سفيان الثوري رضي الله عنه فقال الجماع ناسيا يفطر والأكل لا لبعد النسيان في الجماع دون الأكل وأضرب الإمام عن الجواب عن هذا لوضوحه وأجاب المصنف بأن قول الثوري ليس حجة علينا وقد يجاب أيضا بانهم ينصون في هذه الصورة على عدم الفرق أو اتحاد الجامع وبأن فتيا الثوري بتلك لعلها قبل إستقرار المجمعين على القولين المطلقين.