فلا يحتاط فيها كالحكم وذهب إلى هذا أبو إسحاق المروزي ثم استدل صاحب الكتاب على ما ذهب إليه هو وإمامه من أنه ليس بإجماع ولا حجة بأن السكوت يحتمل وجودها سوى الرضا وهي كثيرة.
أحدها: أنه كان في مهلة النظر.
الثاني: أن يكون في باطنه مانع من إظهار القول وهو الخوف.
والثالث: أن يعتقد أن كل مجتهد مصيب فلا يرى الإنكار فرضا وقد ذكر هذه الأوجه في الكتاب.
والرابع: ربما رآه قولا شائعا لمن أداه إليه اجتهاده وإن لم يكن موافقا عليه
الخامس: ربما أراد الإنكار ولكنه ينتهز فرصة التمكن منه ولا يرى المبادرة اليه مصلحة.
والسادس: أنه لو أنكر لم يلتفت إليه.
والسابع: ربما سكت لظنه أن غيره قام مقامه في ذلك وإن كان قد غلط فيه.
والثامن: ربما رأى ذلك الخطأ من الصغائر فلم ينكر وإن احتمل السكوت هذه الجهات كما احتمل الرضا علمنا أنه لا يدل على الرضا لا قطعا ولا ظنا هذا وهذا معنى قول الشافعي لا ينسب إلى ساكت قول ولقائل أن يقول ما انها لا تدل على الرضا قطعا فمسلم وأما ظاهر فممنوع أن هذه الاحتمالات مرجوحة بالنسبة إلى احتمال الرضا وذلك ما هو ظاهر الفساد كالثامن فإن الصغيرة يجب إنكارها كما يجب انكار الكبيرة قال القرافي وقد اختلف الناس في المندوبات والمكروهات هل يدخلها الأمر والإنكار أم لا وأما الواجبات والمحرمات صغائر كانت أم كبائر فيدخلها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إجماعا واحتج أبو هاشم بما ذكره في الكتاب من أن الناس في كل عصر يحتجون بالقول المنتشر في الصحابة إذا لم يعرف له مخالف وجوابه أن ذلك ممنوع ولو سلم فالاستدلال به إنما يتم أن لو كان الإجماع السكوتي حجة إذ هو عينه فلو شئتم الإجماع به لأثبتم الشيء بنفسه.